(وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) اشارة الى حشرهم الى اسم الرّحمن وبقاءهم بالله في الخلق لتكميل الغير ، وبعبارة اخرى اشارة الى أسفارهم الاربعة اى السّفر من الخلق الى الحقّ بقوله : آمنوا وعملوا الصّالحات ، والسّفر من الحقّ الى الحقّ بقوله : يهديهم (الى) سبحانك اللهمّ ، والسّفر في الحقّ بقوله تحيّتهم فيها سلام ، والسّفر بالحقّ في الخلق بقوله وآخر دعواهم ، رزقنا الله وجميع المؤمنين (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ) عطف على انّ الّذين لا يرجون لقاءنا وتخلّل انّ الّذين آمنوا غير مخلّ بالوصل والعطف لانّه جواب لسؤال ناش عن المعطوف عليه فكأنّه من متعلّقاته كأنّه قال : انّ الّذين لا يرجون لقائنا حالهم كذا مع انّ حال المؤمنين كذا ولو عجّلنا لهم الشّرّ الّذى استحقوه لم يبقوا في الدّنيا متمتّعين (اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ) تعجيلا مثل تعجيله لهم الخير فالباء للتعدية أو مثل حثّه وحمله ايّاهم على العجلة في الخير أو بالخير فالباء بمعنى في أو للسببيّة أو مثل عجلتهم في الخير أو بسبب الخير (لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ) لأقضي إليهم قضاء مدّتهم الّتى اجّلوا فيها أو لأقضي إليهم آخر عمرهم الّذى اجّلوا اليه (فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) عطف على لو يعجّل الله باعتبار المعنى اى لم يعجّل فنذر الّذين لا يرجون أو جزاء شرط محذوف اى إذا لم نقض إليهم أجلهم فنذرهم في طغيانهم (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ) حالكونه على جنبه فاللّام بمعنى على والمقصود مطلق إلقاء البدن على الأرض سواء كان على الجنب أو الظّهر أو الوجه ويعبّر بالإلقاء على الجنب عن مطلق أحوال الإلقاء كثيرا في العرب والعجم (أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً) اى في جملة الأحوال فلفظة أو لتفصيل الأحوال (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ) كان المناسب ان يقول فاذا كشفنا حتّى يصحّ تعقيبه للشّرط المستقبل لكنّه ادّاه بالشّرط الماضي اشارة الى انّ مسيس الضّرّ والدّعاء عقيبه سجيّة للإنسان مستغرق للماضي والمستقبل كأنّه قال : إذا مسّ الإنسان الضّرّ دعانا وقد مسّه الضّرّ فدعانا فلمّا كشفنا عنه ضرّه (مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) كناية عن اعراضه وعدم عنايته بشأن من كان محتاجا اليه ومتنعّما به وقد صار هذه العبارة مثلا في العرب والعجم في هذا المعنى إذا ذكر بعده ما يدلّ على تشبيه حال المحتاج بغير المحتاج (كَذلِكَ) اى مثل ما زيّن للمكشوفى الضّرّ أعمالهم حتّى لا يبالوا بمن دعوه لكشفه وغفلوا عنه (زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) من اتّباع الشّهوات والانهماك فيها حتّى وقعوا في الغفلات (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا) أنفسهم بالغفلة وعدم المبالاة بسخط الله ومكره وهو تهديد للغافلين (وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) فما اكترثوا بهم وببيّناتهم لغاية غفلتهم (وَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) لغاية غفلتهم وانهماكهم في الشّهوات لتزيين الشّيطان لهم أعمالهم الشّهويّة (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ ثُمَّ جَعَلْناكُمْ خَلائِفَ) اى خلائف لنا أو للاسلاف (فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا) وهم الواقعون في جهنّام النّفس والنّفس كالمرأة الخبيثة لا ترضى بوضع يحصل لها وتتمنّى دائما غير الوضع الّذى هو حاصل لها وهؤلاء باقتضاء فطرة النّفس سئلوا تبديل القرآن (أَوْ بَدِّلْهُ) يعنى اترك هذا القرآن وائت بمكانه قرآنا نرتضيه ، أو غيّره بتبديل ما لا نرتضيه