بالنّسبة الى غيره بخلاف السّماء والسّماويّات سواء أريد بها سماء عالم الطّبع أو سماوات الأرواح (وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ) لمّا كان المقام للمبالغة في سعة علمه كان التّأكيد والتّكرير مطلوبا ولذا اكّد مثقال ذرّة فانّه صار كالمثل إذا وقع بعد النّفى في المبالغة في الشّمول ولا أصغر مع ما بعده جملة معطوفة على جملة ما يعزب ولا لنفى الجنس مركّبة مع اسمها و (إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) خبرها ومن قرأ بالرّفع فلا عاملة عمل ليس أو ملغاة عن العمل بالتّكرير ، ويحتمل العطف على لفظ مثقال على قراءة الفتح وعلى محلّه على قراءة الرّفع وحينئذ يكون الاستثناء منقطعا (أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللهِ) جواب لما ينبغي ان يسأل عنه من انّه هل يبقى أحد بلا خطر (لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) قد مضى بيان الخوف والحزن ووجه انتفائهما عن الأولياء ووجه اختلاف المتعاطفين في طريق التّأدية (الَّذِينَ آمَنُوا) بالبيعة الخاصّة وقبول الدّعوة الباطنة والدّخول في امر الائمّة ودخول الايمان في قلوبهم لا من قبل الدّعوة الظّاهرة وبايع بالبيعة العامّة النّبويّة ودخل في الإسلام من دون الدّخول في الايمان (وَكانُوا يَتَّقُونَ) غيّر الأسلوب للاشارة الى انّ الايمان امر يحصل بمحض البيعة الولويّة وامّا التّقوى الخاصّة فهي لا بدّ منها الى تمام مراتب الفناء والحشر الى الرّحمن بحيث تصير للمؤمن كالسّجيّة والموصول امّا صفة بيانيّة لأولياء الله ولذا اخّره عن الخبر أو خبر لمبتدء محذوف أو منصوب بفعل محذوف أو مبتدء خبره (لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ) اعلم ، انّ الولىّ يطلق على معان منها المحبّ والصّديق والقريب بمعنى ذي القرابة والقريب ضدّ البعيد ومنها النّصير والولىّ في التّصرّف بمعنى الاولى بالتّصرّف والسّلطان والمالك ، وولىّ الله قد يطلق ويراد به من قبل الدّعوة الباطنة ودخل الايمان في قلبه بالبيعة الخاصّة الولويّة باعتبار الصّنف الاوّل من معانيه ، وقد يطلق ويراد به الولىّ من الله باعتبار الصّنف الثّانى من معانيه والأولياء بالإطلاق الثّانى هم الأنبياء وأوصياؤهم الكاملون المكمّلون ، وبالإطلاق الاوّل شيعتهم واتباعهم الّذين قبلوا ولايتهم ، ولهم مراتب من اوّل دخولهم في الايمان وتدرّجهم في مدارج التّقوى والإيقان الى ان انتهوا في التّقوى الى فنائهم من ذواتهم بحيث تحقّقوا في المحبّة وكانوا لا فرق بينهم وبين حبيبهم وكلّما ازداد مراتب تقواهم ومحبّتهم كان اطلاق الأولياء عليهم اولى ، ولذلك اختلف الاخبار في تفسير أولياء الله وكذا في تفسير بشريهم في الدّنيا بانّها الرّؤيات الحسنة الّتى يراها المؤمن أو يراها غيره له وبأنّها تحديث الملائكة مطلقا أو تبشيرهم عند الموت أو تبشير محمّد (ص) وعلىّ (ع) لهم عند الموت (لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللهِ) تأكيد لتحقّق البشرى لهم (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) اى كونهم مبشّرين مع عدم تبدّله (وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ) فيك وفي اتباعك وهو عطف على مقدّر تقديره إذا كان الأولياء (ع) يعنى أنت واتباعك حالهم هكذا فلا تبال بالمكّذبين ولا يحزنك قولهم (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) تعليل للنّهى (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) جواب سؤال كأنّه قيل : هل يسمع أقوالهم ويعلم أحوالهم؟ ـ فأجاب بالحصر (أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) تأكيد لعزّته ولذا لم يأت بالعاطف واكّده وتمهيد بمنزلة التّعليل لقوله (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ) تأكيد للاوّل على ان يكون ما نافية وقوله (إِلَّا الظَّنَ) استثناء من ما يتّبع أو قوله ان يتّبعون مستأنف