رُسُلُنا) اى الملائكة وكانوا اربعة كما ورد في الخبر جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وكرّوبيل (إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى) ببشارة الولد اى إسماعيل من هاجر أو إسحاق من سارة باختلاف الاخبار (قالُوا سَلاماً) حيّوه بتلك التّحيّة (قالَ سَلامٌ) أجابهم بالبلغ من تحيّتهم حيث عدل عن النّصب الى الرّفع (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ) اى ما لبث زمانا معتدّا به الى ان جاء (بِعِجْلٍ حَنِيذٍ) يعنى أسرع في قراهم وفي طبخه والحنيذ المشوىّ النّضيج ، فقال كلوا ، فقالوا لا نأكل حتّى تخبرنا ما ثمنه؟ ـ قال إذا أكلتم فقولوا بسم الله وإذا فرغتم فقولوا الحمد لله ، فقال جبرئيل لأصحابه حقّ على الله ان يتّخذه خليلا (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) انكرهم وأضمر انّهم أعداء لا أضياف (وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً) احسّ وأضمر خوفا (قالُوا) بعد ما رأوا انّه خاف (لا تَخَفْ إِنَّا) ملائكة الله وأحبابك (أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) وليس شأننا الاكل (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ) وهي سارة تسمع مكالمتهم (فَضَحِكَتْ) تعجّبت من مكالمتهم أو حاضت بعد ما ارتفع حيضها منذ دهر لانّها كانت حينئذ ابنة تسعين سنة وإبراهيم (ع) ابن عشرين ومائة سنة وقد فسّر ضحكت في الاخبار بكلّ من المعنيين وهذا من سعة وجوه القرآن (فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ) الظّرف حال ممّا بعده (يَعْقُوبَ قالَتْ) بعد البشارة تعجّبا من الولد بعد سنّ اليأس منه (يا وَيْلَتى) كلمة تعجّب وان كان أصله ان يستعمل في الشّرّ (أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ) آئسة من الولد (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) لا يرجى منه الاستيلاد (إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ قالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ) يفعل بمن استحقّ الإحسان فوق استحقاقه (مَجِيدٌ) لا ينظر في إحسانه الى استحقاق فكيف ولكم الاستحقاق ، وفي الخبر انّه اوحى الله تعالى الى إبراهيم (ع) انّه سيولد لك فقال لسارة فقالتء ألد وانا عجوز؟ ـ فأوحى الله اليه انّها ستلد ويعذّب أولادها اربعمائة سنة بردّها الكلام علىّ قال : فلمّا طال على بنى إسرائيل العذاب ضجّوا وبكوا الى الله أربعين صباحا فأوحى الله الى موسى (ع) وهارون (ع) نخلّصهم من فرعون فحطّ عنهم مائة وسبعين سنة وقال هكذا أنتم لو فعلتم لفرّج الله عنّا فامّا إذا لم تكونوا فانّ الأمر ينتهى الى منتهاه (فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ) سكن الخوف بمعرفته ايّاهم (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ) يعنى انّه بعد ما سكن الخوف وحصل له البسط ببشارة الولد وأخبره الملائكة بانّهم نزلوا لعذاب قوم لوط جادلنا يعنى بمجادلة رسلنا في دفع العذاب عن قوم لوط وهذا من كمال رحمته على خلق الله وسعة خلقه وكمال مرتبة نبوّته فانّ قوم لوط بشؤم أعمالهم استحقّوا سؤال العذاب منه وهو يجادل الله في دفع العذاب ، عكس ما روى عن بعض الأنبياء (ع) الجزويّة من سؤال العذاب بعد التّبليغ وتأبّيهم عن الانقياد من غير صبر على أذاهم فضلا عن طلب الرّحمة ودفع العذاب عنهم ، وصورة مجادلته الملائكة كما نقل انّه قال ان كان فيها مائة من المؤمنين أتهلكونهم؟ ـ فقال جبرئيل : لا ، قال : فان كان فيها خمسون؟ ـ قال لا ، قال : فان كان فيها ثلاثون؟ ـ قال لا ، قال : فان كان فيها عشرون؟ ـ قال : لا ، قال : فان كان فيها عشرة؟ ـ قال : لا ، قال : فان كان فيها خمسة؟ ـ قال : لا ، قال : فان كان فيها واحد؟ ـ قال : لا ، قال : فانّ فيها لوطا ؛ قالوا نحن اعلم بمن فيها لننجّينّه واهله ، وهذا من استكماله (ع) في نبوّته لانّه كما روى بعد ما أرى ملكوت السّماوات