ثان ووراءكم حال حينئذ أو ظرف للظّهرىّ أو هو مفعول بعد مفعول كالخبر بعد الخبر لانّه كان في الأصل خبرا بعد خبر (إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) تعليل للإنكار والتّوبيخ المستفاد من الهمزة ، أو جواب للسّؤال عن حال الله معهم (وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) منزلتكم عند الهتكم أو رزانتكم في أنفسكم وهو تهكّم بهم لكنّه أبرزه في صورة الإنصاف ولذا لم يقيّد قوله (إِنِّي عامِلٌ) بمكانتى (سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ) مضى مثله (وَارْتَقِبُوا) نصر آلهتكم وعذابي (إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) نصر الهىّ وعذابكم (وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا) باهلاك قوم شعيب (نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا) الإتيان بالواو قبل لمّا هاهنا وفي قصّة هود (ع) وبالفاء في قصّتى صالح (ع) ولوط (ع) للتّصريح في قصّتى صالح ولوط (ع) بوعد العذاب المستعقب لإتيانه المسبّب منه دون قصّتى هود (ع) وشعيب (ع) (وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) روى انّه صاح بهم جبرئيل صيحة فزهق روح كلّ منهم (فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا بُعْداً لِمَدْيَنَ كَما بَعِدَتْ ثَمُودُ وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) الآيات هي الآيات التّسع الّتى بها ظهور رسالته وسلطان مبين هو الولاية الّتى لها السّلطنة على الكلّ ، ولمّا كان جعل عصاه الّتى كانت جمادا حيّة حيّة من ظهور سلطنة الولاية وبه صار سلطنته تامّة كان المراد به في الظّاهر هو عصاه (إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) سبب رشد المأمور (يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ) لانّه كان أصل ضلالتهم في الدّنيا فهكذا يصير يوم القيامة رئيسا لهم في الذّهاب الى النّار (فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ) لانّهم يتّبعونه في الذّهاب الى النّار والتّأدية بالمضىّ اشعار بتحقّقه تأكيدا (وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ) الدّنيا أو في هذه الخصلة (لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ) اى العطاء المعطى رفدهم واستعمال الورد والرّفد وتوصيفهما مبالغة في الّذمّ وتهكّم بهم (ذلِكَ) المذكور من أنباء قرى نوح (ع) وهود (ع) وصالح (ع) ولوط (ع) وشعيب (ع) وموسى (ع) شيء يسير (مِنْ أَنْباءِ الْقُرى) وللاشارة الى قلّتها أتى باسم الاشارة مفردا مذكّرا (نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ) من اسم بمعنى البعض مضاف الى الضّمير مبتدأ وقائم خبره أو منها لقوّة معنى البعض في من قائم مقام موصوفه الّذى هو المبتدأ ومنها خبر مقدّم وقائم مبتدء مؤخّر والجملة حال ، أو مستأنفة ، أو منها حال معتمد على ذي الحال عامل عمل الوصف ومبتدء وصفّى وقائم مرفوعه ومغنى عن الخبر (وَحَصِيدٌ) والمراد بقيامها قيام أهلها وعدم ابادتهم أو قيام آثار القرى المهلكة وعدم انمحائها وهكذا الحصيد والحصاد هو القطع بالحديد لكن يقال للّذى استوصل بحيث لم يبق منه اثر حصيد ومحصود ، ونسب الى الصّادق (ع) انّه قرئ فمنها قائما وحصيدا بلفظ الفاء قبل منها ونصب قائما وحصيدا فيكونان حينئذ خبرين لكان محذوفا أو مفعولين لنقصّ محذوفا والتّقدير فمنها كان قائما وحصيدا أو فمنها نقصّ قائما وحصيدا (وَما ظَلَمْناهُمْ) عطف لدفع توهّم انّ حصادهم واستيصالهم بالكلّيّة ظلم من الله (وَلكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) بارتكاب ما جلب عليهم العذاب من دعاء غير الله وشنائع الأعمال يظنّ انّ الأليق بسياق هذه العبارة ان يقال : وما نحن ظلمناهم ولكنّهم ظلموا أنفسهم لانّه إذا أريد نفى الفعل عن فاعل وإثباته لفاعل آخر يؤتى بالفاعل المنفىّ