تأويله الّا الله خاصّة على ان يكون والرّاسخون ابتداء كلام أو لا يعلم إجمال تأويل ما تشابه منه الّا الله والرّاسخون في العلم خاصّة (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ) أصل النّعمة هو الولاية والنّبوّة صورتها المكمّلة لها وهكذا الرّسالة والنّعم الدّنيويّة والاخرويّة صورتها الدّانيّة والمراد بإتمام نعمته عليه إتمام نعمة الولاية بنعمة النّبوّة والرّسالة والسّلطنة في الدّنيا والآخرة هذا بالنّسبة الى من تحقّق بقبول الولاية أو بحقيقة الولاية وامّا النّعمة وإتمامها بالنّسبة الى من لم يقبل النّبوّة بعد أو قبل النّبوّة ولم يقبل الولاية فهي قبول النّبوّة وإتمامها قبول الولاية كما في قوله : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) يعنى باتّصال البيعة الاسلاميّة النّبويّة بالبيعة الايمانيّة الولويّة (وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) بواسطتك وإتمام النّعمة عليهم جمع خير الدّنيا والآخرة لهم بعد ما أزلّهم الشّيطان (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ) باستحقاق كلّ وقدره (حَكِيمٌ) ينظر الى دقائق الاستحقاق فيعطى بحسبها وأنت مستحقّ بحسب فطرتك فيعطيك ما تستحقّه (لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ) اى في قصّتهم (آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) اى السّائلين عن قصّتهم كما قيل : انّ رؤساء المشركين سألوا محمّدا (ص) بتلقين اليهود عن قصّتهم ، أو الصّحابة سألوا عنه سورة مشتملة على الحكايات خالية عن الأمر والنّهى ، أو اليهود جاؤا ليسألوا قصّة يوسف (ع) عنه فرأوه يقرؤها كما وجدوها في كتبهم. أقول : نزول الآية ان كان فيمن ذكر فالحقّ انّ السّؤال اعمّ من السّؤال بلسان القال والحال والاستعداد ، وان كلّ طالب للآخرة ولما يعتبر به في جهة الآخرة سائل عنها ، وفي تعليق الحكم على الوصف اشعار بانّ غير السّائل محروم عن ادراك آيات تلك القصّة وعبرها ، فانّ غير السّائل لا يسمع من تلك القصّة غير ما يسمع من الأسمار والتذاذه بها مثل التذاذه بالاسمار سواء لم يكن سائلا بلسان القال أو كان سائلا بلسان القال دون لسان الحال كما قال : (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ) ، وفي تلك القصّة آيات عديدة للطّالب المستيقظ دالّة على علمه وحكمته وقدرته وربوبيّته وتصريفه للأشياء على ما يشاء ، وعدم إنجاء الحذر من القدر ، وعدم الانتفاء بالتّدبير فيما يريد غيره ، وعدم الإضرار بمكر الماكرين ، وسببيّة حسد الحاسدين لدرجات شرف المحسودين وانتشار فضلهم ، وعلى فضل العفّة وحسن عاقبتها ، وانّ الإنسان ينبغي ان يكون عفيفا ولو مع خوف التّلف ووخامة البغي وابتلاء الباغي بالالتجاء بنفسه أو بعقبته الى المظلوم وترك الكذب ولو تورية ، وابتلاء الكاذب بمثل كذبه ممّن كذّب له أو من غيره ومكافاة العمل في الدّنيا وان كان من الأنبياء (ع) على سبيل ترك الاولى وغير ذلك من الآيات المندرجة في تلك القصّة (إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) قالوا ذلك بعد اطّلاعهم على رؤيا يوسف (ع) وتعبير يعقوب (ع) رؤياه له وكانوا يكذّبون يوسف (ع) في رؤياه ويقولون : انّه افترى ليصرف وجه أبينا الى نفسه ، ونقل في سبب اطّلاع اخوته انّ امّ شمعون بن يعقوب (ع) كانت تسمع حين نقل يوسف (ع) رؤياه وتسمع تعبير يعقوب (ع) لها من حيث لا يريانها فأخبرت ابنها بذلك وقالت : التّعب لكم والشّرف لغيركم ، وقيل : انّهم اطّلعوا على انّ يوسف ذكر رؤياء ليعقوب (ع) وامره بالإخفاء فاحلفوه حتّى أخبرهم ، وقيل : انّه رأى بعد ذلك رؤيا اخرى فأخبر أباه بمحضر اخوته فحسدوه وقالوا ما قالوا وعزموا على الكيد والغدر ، ولفظة إذ بدل من يوسف واخوته بدل الاشتمال بتقدير قصّة إذ قالوا ، أو مفعول للسّائلين أو استيناف كلام بتقدير اذكر في جواب السّائلين قصّة إذ قالوا ، واضافة اخوّة بنيامين الى يوسف (ع)