كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) من الرّسل والمرسل إليهم المؤمنين والمكّذبين فيعتبروا بحالهم وينصرفوا عن تكذيبك ويقبلوا على تصديقك (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) من حسن العاقبة في الدّنيا الّذى عرفتموه من أخبارهم (لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) الشّرك وتكذيب الرّسل (ع) (أَفَلا تَعْقِلُونَ) من حسن العاقبة وسوئها في الدّنيا حسن العاقبة وسوئها في الآخرة ؛ وقد قال المولوىّ قدسسره :
سحر رفت ومعجزه موسى گذشت |
|
هر دو را از بأم بود افتاد طشت |
بانگ طشت سحر جز لعنت نماند |
|
بانگ طشت دين بجز رفعت نماند |
(حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ) هو غاية لمحذوف مدلول عليه بسابقه والتّقدير فقد سمعتم طول تكذيب الأمم الماضية للرّسل (ع) وامهال الله ايّاهم أو فقد كذّب الأمم الماضية الرّسل (ع) حتّى إذا استيأس الرّسل (ع) عن ايمان الأمم وإنجاز الله وعده (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا) قرئ بالتّشديد والبناء للمفعول وبالتّخفيف والبناء للمفعول والفاعل وعلى كلّ القرائات يحتمل إرجاع فاعل ظنّوا الى الرّسل والمرسل إليهم المؤمنين والمرسل إليهم المكذّبين وإرجاع ضمير انّهم الى كلّ وقد ورد في الخبر في وجه تخفيف كذبوا والبناء للمفعول وإرجاع الضّمائر الى الرّسل انّهم وكلّهم الله الى أنفسهم طرفة عين أو اقلّ حتّى ظنّوا انّهم قد كذبوا في وعد النّصر وإتيان العذاب على المكّذبين بتمثّل الشّيطان لهم بصورة الملك الموحى واخبار النّصر والعذاب (جاءَهُمْ نَصْرُنا) وذلك لانّه تعالى لغاية رحمته بعباده يتوانى بهم خصوصا في وعد نزول العذاب وإهلاكهم (فَنُجِّيَ) قرئ نجّى ماضيا مبنيّا للمفعول من التّفعيل ومضارعا متكلّما مع الغير من الأفعال ، وماضيا معلوما من الثّلاثىّ المجرّد (مَنْ نَشاءُ) من الرّسل (ع) واتباعهم (وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) أتى بالمضارع الدّالّ على الاستمرار مصرّحا بوصف المهلكين من الأمم الماضية بالمجرمين اشعارا بانّ ذلك ثابت لمن أجرم من أهل كلّ عصر تعريضا بامّة محمّد (ص) (لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ) قصص اخبار الرّسل (ع) وأممهم المؤمنين والمكذّبين ، أو قصص اخبار يوسف (ع) وأبيه (ع) واخوته (عِبْرَةٌ) ما يعتبر به ويستبصر (لِأُولِي الْأَلْبابِ) فانّ غيرهم يمرّون عليها وهم عنها معرضون يستمعونها كالاسمار (ما كانَ) هذا القصص أو هذا الكتاب الّذى فيه قصصهم (حَدِيثاً يُفْتَرى) كالاسمار المختلقة (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) ولكن وحيا من الله لانّه تصديق الّذى بين يديه من الكتب السّماويّة السّالفة والاخبار الحقّة الماضية في أحوال الأمم الماضية والشّرائع السّابقة (وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ) من أحوال يوسف واخوته وأبيه أو من الأمور الماضية والآتية والسّنن الحقّة والباطلة (وَهُدىً) يعنى هو حقيقة الهدى من الله تصوّرت بصور الحروف والنّقوش والمعاني الذّهنيّة أو هاديا فانّه هدى باعتبار وهاد باعتبار آخر (وَرَحْمَةً) من الحقّ تعالى متصوّرة كذلك نازلة إليكم أو سبب رحمة (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) فانّ غيرهم يضلّهم ذلك القرآن أو القصص ويصير نقمة عليهم ، نسب الى أمير المؤمنين (ع) انّه قال : لا تعلّموا نساءكم سورة يوسف (ع) ولا تقرئوهنّ ايّاها فانّ فيها الفتن ، وعلّموهنّ سورة النّور فانّ فيها المواعظ ؛ والسّرّ في ذلك انّهنّ لضعف نفوسهنّ سريعة التّأثّر بالمسموع.