يعنى حالهما كحال الماء والزّبد أو يضرب الأمثال لبشارة هؤلاء وإنذار أولئك ، أو يضرب الأمثال لانتفاع الّذين استجابوا (لِرَبِّهِمُ) الاستجابة (الْحُسْنى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ) عطف على الّذين استجابوا على الاوّلين وهو مع ما بعده جملة مستأنفة على الثّالث ويجوز ان يكون قوله للّذين استجابوا خبرا مقدّما للحسنى مع كون الجملة مستأنفة جوابا لسؤال مقدّر ويكون المعنى للّذين استجابوا لربّهم العاقبة الحسنى والّذين لم يستجيبوا له (لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ) بان لا تقبل لهم حسنة ولا تغفر لهم سيّئة كما نسب الى الصّادق (ع) أو بان نوقش في حسابهم واستقصى بهم كما في خبر آخر (وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ) المستقرّ (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) لفظة ما كافّة أو موصولة أو مصدريّة ، وما انزل اليه امّا القرآن تماما أو احكام الرّسالة جملة أو الولاية مخصوصة (مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمى) عن علم ذلك (إِنَّما يَتَذَكَّرُ) بعدم تشابههما (أُولُوا الْأَلْبابِ) لا أصحاب الخيال وأرباب الالف والعادات ، عن الصّادق (ع) انّه خاطب شيعته بقوله أنتم أولوا الألباب في كتاب الله ، والسّرّ في ذلك انّ اللبّ هو العقل الخالص من شوب الوهم والخيال ولا يخلص العقل ما لم يتّصل بصاحب العقل ، والاتّصال ان كان بالبيعة العامّة النّبوّة لم يفد تخليص العقل من حيث انّ الرّسول (ص) ببيعته يؤسّس احكام العقل بإعانة الوهم والخيال فليس شأن الرّسول تخليص العقل بل تخليطه بقشر الخيال ، بخلاف الاتّصال بالبيعة الخاصّة الولويّة فانّ صاحب البيعة الخاصّة من حيث أصل الايمان شأنه تخليص العقل عن شوب الخيال وبهذا الاعتبار يصدق على المتّصل به انّه ذو لبّ وان لم يحصل بعد له لبّ ، وأيضا صاحب الولاية باعتبار ولايته لبّ وصاحب الرّسالة باعتبار رسالته كالقشر والمتّصل بالولاية مظهر لصاحب الولاية فهو ذو لبّ بهذا الاعتبار أيضا على انّ التّحقيق انّ الإنسان بدون تلقيح الولاية كالجوز الخالي من اللّبّ ولا ينعقد لبّه الّا بالولاية ، فانّ البيعة الولويّة يدخل بها كيفيّة من ولىّ الأمر في قلب البائع وبها يتحقّق الابوّة والبنوّة بينهما وهي الايمان الدّاخل في القلب كما سبق تحقيقه في مطاوى ما سبق (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ) صفة لاولى الألباب لبيان حالهم أو استيناف كلام والخبر أولئك لهم عقبى الدّار والمراد بالعهد هو العهد العامّ النّبوىّ والوفاء به الانتهاء الى آخر أركانه الاسلاميّة وهو البيعة الولويّة الّتى عبّروا عنها في الاخبار بالولاية (وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ) الميثاق الولاية الّذى حصل لهم بالوفاء بعهد النّبوّة ، وتسميته ميثاقا لكونه عقدا على عقد فانّه بعد عقد البيعة النّبويّة ، وفي الخبر اشارة الى ما ذكرنا (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) اوّل ما امر الله به من صلة الأرحام الوصلة مع نبىّ الوقت بالبيعة العامّة ، ثمّ الوصلة مع ولىّ الوقت بالبيعة الخاصّة ، ثمّ مع المسلمين بقرابة الرّحم المعنويّة ، ثمّ مع المؤمنين بقرابة الرّحم الولويّة ، ثمّ مع أقربائه بقرابة الرّحم الجسمانيّة وصلة الرّحم مع النّبىّ والولىّ بعد ما هو أصل من البيعتين وكذا مع كلّ ذي قرابة عبارة عمّا به يحصل إظهار المحبّة والتّرحّم وأقلّه البشاشة في وجهه عند لقائه والسّرور به وإهداء التّحف اليه وقضاء حاجته (وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخافُونَ سُوءَ الْحِسابِ) الخشية حالة حاصلة من ادراك لّذة وصال المحبوب والم فراقه أو سطوة عذابه ، وبعبارة اخرى حالة حاصلة من ادراك ذي جمال وسطوة ، وبعبارة اخرى حالة ممتزجة من الخوف والرّجاء لا خوف صرف ولا رجاء محض ولذا خصّصها بالرّبّ والخوف بسوء الحساب (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ) وجه الرّبّ