ممّن أناب أو استيناف كلام مبتدء ، وطوبى لهم خبره ، أو خبر مبتدء محذوف و (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بدل منه ، أو (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) مبتدء ثان أو مبتدء اوّل والمراد بالايمان الايمان الخاصّ الحاصل بالبيعة الخاصّة الولويّة (وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ).
اعلم ، انّ الإنسان بعد ما آمن ودخل ما به حصول للايمان من الذّكر الّذى يلقّنه الولي في قلبه يحصل له اطمئنان في الجملة بالنّسبة الى حال طلبه واشتداد لوعته فيصدق عليه انّه اطمئنّ بذكر الله الّذى اخذه من ولىّ امره ، لكن لا يحصل له اطمئنان تامّ الّا بالوصول الى ملكوت الامام والقرار معه فاذا وصل الى ملكوت الامام واستقرّ معه اطمأنّ من غير شوب اضطراب وهيجان ، وملكوت الامام ذكر الله الحقيقىّ فالمعنى الذين آمنوا وأخذوا ذكرا ممّن آمنوا بواسطته وتطمئنّ قلوبهم بصورة ذلك الذكّر أو بحقيقته الّتى هي ملكوت الشّيخ ، ولذا فسّر الّذين آمنوا بالشّيعة الّذين بايعوا بيعة خاصّة ولويّة وذكر الله بأمير المؤمنين (ع) والائمّة (ع) وفسّر ذكر الله بمحمّد (ص) (أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) معترضة لتأكيد هذا (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) حتّى انتهوا الى الذكّر الحقيقىّ فاطمئنّوا بها (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ) الطّوبى وصف بمعنى الطّيّبة والطّيّب ، أو مصدر طاب كزلفى وبشرى ، أو جمع طيّبة كما في القاموس أو مؤنّث أطيب ، وفسّرت في الاخبار بشجر في الجنّة موصوف بأوصاف عديدة أصله في بيت محمّد (ص) أو علىّ (ع) (كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ) اى أرسلناك إرسالا مثل ذلك الإرسال من قبيل تشبيه الكلّىّ بالجزئىّ وتمثيله به أو كذلك خبر مبتدء محذوف اى الأمر كذلك وأرسلناك مستأنف (فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ) حتّى تكون الأمم الماضية عبرة لهم وتكون أنت فيهم أقرب الى التّصديق من الرّسل الماضية (ع) في أممهم (لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) من القرآن والأحكام وقصص الماضين بل أصل ما أوحينا إليك وهو ولاية علىّ (ع) (وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ) اى لتتلو عليهم حال كفرهم بالرّحمن لتصرفهم عن كفرهم أو لكنّهم يكفرون بالرّحمن (قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) تعميم بعد تخصيص يعنى هو ربّى وربّ كلّ شيء إذ لا اله الّا هو (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) في جملة أموري (وَإِلَيْهِ مَتابِ) يعنى لا انظر في مبدئى ومعادي ومعاشي الى غيره بل انظر الى ربوبيّته وآلهته لنفسي ولكلّ شيء والى حفظه ونصرته في كلّ حال ولذلك توكّلت عليه ولا ارى لنفسي مرجعا آخر (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى) لكان هذا القرآن ، لمّا كان المعروف بين النّاس انّ من النّاس من يقرأ وردا وينفخ فيما يريد من تحريك الأحجار وإنزال الأمطار ومن اراءة الأمصار وإحضار الغيّاب كما هو المعروف في زماننا هذا من المرتاضين المتشرّعين وغيرهم قال : لو انّ في العالم مقروّا يقرأ ويسيّر به الجبال الى الآخر لكان ذلك المقروّ هو هذا القرآن لا غيره وهذا أوفق بقوله (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) من حيث انّه اضراب عن تأثير المقروّ وحصر للتّأثير به تعالى فكأنّه قال : كلّ مقروّ له اثر في العالم منحصر في هذا القرآن بمعنى انّه غير خارج منه إذ لا رطب ولا يابس الّا فيه ، ثمّ اضرب وقال : بل لا اثر لشيء من الأشياء الّا لله بمعنى انّ كلّ مؤثّر فانّما هو مؤثّر بمؤثّريّة الله لا بنفسه (أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا) فسّر ييأس بيعلم على لغة وقرئ يتبيّن