ويتعاقدون على ان يمنعوا عليّا (ع) من الخلافة (وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ) تسلية للرّسول (ص) وتهديد لهم (فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ) ولا تؤاخذهم فانّه أصلح لك لعدم افتتان سائر أمّتك (وَتَوَكَّلْ) في جملة أمورك خصوصا فيما تهتمّ به من خلافة علىّ (ع) (عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) فانّه لا حاجة له الى معاون في إمضاء امر ولا الى مشاور في استعلام امر (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ) وانّه من عند الله حتّى يعلموا صدقك ورسالتك فلا يبيّتوا خلاف طاعتك ، والتّدبّر كالتّفكّر (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ) عطف على القرآن باعتبار انّ التّدبّر يتعلّق بنسبة الجملة لكنّ الفعل معلّق بالواو الجملة حاليّة (لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) لانّ فيه بصورته تخالفا وتناقضا لكنّه لمّا كان من عند الله وله بحسب العوالم العديدة بطون وجهات كان كلّ من المتخالفات منزّلا على عالم أو على جهة أو المعنى انّه لو كان من عند غير الله كما قالوا انّما يعلّمه بشر ، وانّه افتراء لوقع فيه التّخالف لانّ الكذب لعدم ابتنائه على أصل أو شهود لا يقع بين اجزائه توافق ولكن ليس فيه تخالف حقيقة (وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ) عطف على مجموع إذا برزوا من عندك ، أو على جزائه اعنى بيّت طائفة ، أو عطف على لا يتدّبرون القرآن ، أو على مجموع أفلا يتدّبرون القرآن باعتبار المقصود ، أو حال يعنى إذا جاءهم خبر من سراياك أو من جانب العدوّ أو من قولك بوعد الفتح أو الوعيد من العدوّ أذاعوه لعدم توكّلهم وعدم ثباتهم في الايمان ، وكذا إذا جاءهم امر في باطنهم من المنامات أو الحالات أو الخيالات والخطرات المبشّرة أو المخوّفة أذاعوه (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ) اى وكلوه إليهم ولا يتكلّموا فيه بشيء أو اظهروه عليهم لا على غيرهم (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) امّا من قبيل وضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بانّهم أهل الاستنباط ، أو المراد بأولى الأمر اعمّ من أمراء السّرايا ، والمستنبطون هم الرّسول (ص) وأوصياؤه (ع) (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) خاطبهم تفضّلا وتطفّلا لمحمّد (ص) وعلىّ (ع) بعد ما ذمّهم على ضعف عقيدتهم وسوء صنيعتهم ، وفضل الله هو الرّسالة ، ولمّا كان الرّسالة من شؤن الرّسول وسعة صدره ومتّحدة معه صحّ تفسيره بالرّسول وهو هاهنا محمّد (ص) ورحمته هي الولاية والولاية أيضا متّحدة مع الولىّ فصحّ تفسيرها به وهو هاهنا علىّ (ع) ولذلك فسّرا بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) في أخبارنا ، ولمّا كان محمّد (ص) أصلا في الولاية وان كانت الرّسالة فيه أظهر وعلىّ (ع) خليفة في الرّسالة وان كانت الولاية فيه أظهر صحّ تفسير الفضل بعلىّ (ع) والرّحمة بمحمّد (ص) كما في الخبر ، يعنى انّا لا نخذلكم مع سوء صنيعكم بواسطة محمّد (ص) وعلىّ (ع) ، ولو لا محمّد (ص) وعلىّ (ع) قائما عليكم حافظا لكم (لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلاً) (فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ) يعنى إذا علمت حال قومك من الجبن والفشل والتّبيت بخلاف طاعتك وعدم حفظهم لما سمعوا من الاخبار وتوكّلت على الله وعلمت كفايته لك فقاتل في حفظ سبيل الله واعلائه ، أو حالكونك في سبيل الله ، أو في ولاية علىّ (ع) فانّها سبيل الله وعلىّ (ع) بنفسه أيضا سبيل الله ولا تبال بإعانة قومك وعدمها (لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ) اى الّا فعل نفسك أو إصلاحها أو إصلاح علىّ (ع) لانّه نفسك والجملة حال أو مستأنفة جواب لسؤال مقدّر في مقام التّعليل أو في مقام بيان الحال (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) لانّك ان لم تحتج إليهم فانّهم محتاجون إليك في إصلاحك لهم والمقاتلة إصلاح لهم لانّها تورث التّشجّع والتّمكّن والثّبات والتّوكّل