به الأبدان ، أو المراد بالرّوح الّنّبوّة الّتى بها حيوة كلّ شيء ، وعلى هذا فالمعنى ينزّل الملائكة الرّوح من عالم امره على من يشاء من عباده وللرّوح معان أخر مذكورة في الاخبار ومصطلحة بين أرباب الصّنائع وهذا الرّوح الّذى هو أعظم من جبرئيل يكون مع العظماء من الأنبياء والأولياء (ع) كخاتم النّبيّين (ص) وخلفائه المعصومين (ع) وقوله : من امره ، اى من عالم امره فانّ الملائكة النّازلة والرّوح من عالم الأمر مقابل عالم الخلق (أَنْ أَنْذِرُوا) ان مصدريّة أو تفسيريّة فانّ الانزال يستلزم معنى القول ، وانذروا بمعنى اعلموا أو بمعنى احذروا (أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ) وكون التّوحيد محذرا به لاستلزامه الاستقلال في الحكومة والتّصرّف والمستقلّ في الحكومة يحذر من مخالفته (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِ) بمنزلة التّعليل للتّوحيد (تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ) بدل نحو بدل البعض (فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) ولا يتمشّى من الطّبع والدّهر مثل ذلك الخلق (وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ) ما تستدفئون به من أصوافها وأوبارها واشعارها وجلودها (وَمَنافِعُ) من لحومها وضروعها وظهورها واثارة الأرض بها (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) من الشّحوم واللّحوم والألبان (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ) زينة (حِينَ تُرِيحُونَ) ترجعونها بالرّواح الى المناخ والمغنم (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) تخرجونها للسّرح والرّعى بالغداة فانّ الافنية تتزيّن بها في الوقتين ويجلّ أهلها في أعين النّاظرين إليها ، وتقديم الاراحة لانّها حينئذ تقبل والإقبال أزين من الأدبار ملاء البطون ثمّ تأوى الى الحظائر حاضرة لأهلها ، وفي الغداة بالعكس ، (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا) بأنفسكم (بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) فضلا عن ان تحملوا الأثقال على ظهوركم (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) بكم لانّه خلق لكم ما تنفعون به وتحتاجون اليه (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) لانتفاعكم من موجودات عالم الطّبع ممّا في الأرض والسّماء وموجودات عالم الأرواح (وَعَلَى اللهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) لمّا ذكر في خلقة الإنسان جملة ما يحتاج اليه في معاشه ووصوله الى خيراته وكان السّبيل المقتصد الخارج عن الإفراط والتّفريط في كلّ شيء ان يكون أسباب وصوله الى خيراته الاوّليّة الّذاتيّة والى خيراته الثّانويّة بقدر حاجته موجودة ، والسّلوك الى خيراته الاوّليّة الّذاتيّة والى خيراته الثّانويّة بقدر حاجته ، موجودة وكان السّلوك الى خيراته غير متعسّر قال : لا اختصاص لقصد السّبيل بالإنسان بل على الله قصد السّبيل لكلّ شيء (وَمِنْها جائِرٌ) وبعض السّبل حائد عن الاعتدال أو المقصود انّ خلقتكم وخلقة ما تحتاجون اليه هي السّبيل الى خيراتكم البدنيّة وكمالاتكم الدّنيويّة التّكوينيّة الغير الاختياريّة ، وامّا خيراتكم الرّوحيّة الاخرويّة وكمالاتكم الانسانيّة الاختياريّة فعلى الله قصد السّبيل في ذلك بإعطاء العلم والمعرفة وإرسال الرّسل وإنزال الكتب وتهيّة جميع ما تحتاجون اليه في تحصيل هذه ، فان وقع حيف وميل ونقص وجور فهو من عند أنفسكم غير راجع الى الله ، فمن خرج عن الاقتصاد في الطّريق الى الجور فيه فهو بشآمة استعداده وكسبه (وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) بالايصال الى قصد الطّريق والسّير عليه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ) اعمّ من النّبات (فِيهِ تُسِيمُونَ) في الشّجر ترعون مواشيكم (يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)