(فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) تجسّسوا وتفحّصوا المواضع الخفيّة من دياركم للقتل والأسر والنّهب (وَكانَ وَعْداً مَفْعُولاً) حتما (ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ) على الّذين بعثوا عليكم (وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) ممّا كنتم أو منهم (إِنْ أَحْسَنْتُمْ) يعنى قلنا لهم ان أحسنتم أو ان أحسنتم يا قوم محمّد (ص) أو ان أحسنتم يا بنى إسرائيل الحاضرين في هذا الزّمان (أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) استعمال لها هاهنا من باب المشاكلة أو التّهكّم (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) العقوبة الآخرة (لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ) متعلّق بجاء أو متعلّق بالجزاء المحذوف والتّقدير فاذا جاء وعد الآخرة ليسوؤا اى العباد اولى البأس وجوهكم بعثناهم عليكم ، أو فاذا جاء وعد الآخرة بعثناهم عليكم ليسوؤا وجوهكم (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ) مسجد كم الأقصى (كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً) ليهلكوا مدّة علوّهم أو الّذى استولوا عليه (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) بعد ذلك بتقدير القول أو خطاب لامّة محمّد (ص) لانّ الآية تعريض بهم أو خطاب للحاضرين من بنى إسرائيل (وَإِنْ عُدْتُمْ) الى طغيانكم (عُدْنا) الى عقوبتكم وهذه عقوبة دنيويّة لها أمد وانقطاع (وَجَعَلْنا) في الآخرة (جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً) محصورا فيها أو حاصرة لهم مانعة عن الخروج ، وتذكير الحصير امّا لكونه بمعنى المفعول أو لتشبيهه بالفعيل بمعنى المفعول ، وعن ائمّتنا (ع) انّهم فسّروا الافسادتين بقتل علىّ (ع) وطعن الحسن (ع) ، والعلوّ الكبير بقتل الحسين (ع) والعباد اولى البأس بقوم يبعثهم الله قبل خروج القائم فلا يدعون وترا لآل محمّد (ص) ووعد الله بخروج القائم (ع) وردّ الكّرة عليهم بخروج الحسين (ع) في سبعين من أصحابه عليهم البيض المذهّب حين كان الحجّة القائمة (ع) بين أظهر هم وتملّك الحسين (ع) حتّى يقع حاجباه الى عينيه وفسّر بعلىّ (ع) ويوم الجمل وبنى أميّة وبالقائم (ع) وأصحابه على نحو يظنّ انّه تنزيل لا تأويل (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) هذا اشارة الى الصّورة التّدوينيّة من جملة القرآن أو من قرآن الولاية أو الى الرّسالة أو الى النّبوّة أو الى الرّسول (ص) أو الى شخص الامام فانّ كلّا من هذه هو المحسوس المعلوم للخلق وان كان المقصود حقيقة هي الولاية والهداية الدّلالة والمراد بالّتى هي أقوم الملّة الّتى هي أقوم ملل الأنبياء لكون المنزّل عليه أقوم من سائر الأنبياء والمنزّل لهم أقوم من سائر الأمم ، أو الطّريق الّتى هي أقوم من سائر الطّرق من طرق النّفس وهي طريق القلب ، أو الطّريقة الّتى هي أقوم من طريق النّبوّة وهي الولاية وهي المقصود فانّها غاية إرسال الرّسل وإنزال الكتب وقد فسّرت في اخبار عديدة بالولاية باختلاف اللّفظ ، هذا بالنّسبة الى من لم يدخل في الإسلام بعد وهو مستعدّ للدّخول أو دخل ولم يدخل في الايمان بالبيعة الخاصّة الولويّة وامّا بالنّسبة الى من قبل الدّعوة الظّاهرة العامّة بالبيعة العامّة النّبويّة ودخل في الايمان بالبيعة الخاصّة الولويّة وبالنّسبة الى من لم يدخل في البيعتين ولم يستعدّ للدّخول بإنكار الآخرة حالا أو قالا فيكون بشارة أو إنذارا ولذلك عطف على يهدى قوله (وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ) اى يعملون طبق ما أخذ عليهم في تلك البيعة (أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً وَ) يخبر (أَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً) أو يبشّر انّ الّذين لا يؤمنون ، على ان يكون من عطف الجملة أو عطف المفرد ويكون ذلك بشارة اخرى للمؤمنين (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) يدعو بما هو شرّ في نفسه وهو لا يعلم انّه شرّ نحو دعائه بما هو خير وهو يعلم انّه خير ، والدّعاء بما لا يعلم انّه خير له