مرتبة وصفّ نبىّ وامام غير من كان للصّفّ الآخر ولذلك كانت الأنبياء (ع) بعدد الصّفوف مائة وعشرين الفاء بحسب عدد مراتب بنى آدم (لَقَدْ جِئْتُمُونا) استيناف جواب لسؤال مقدّر كانّه قيل : وما تفعل بهم؟ ـ وما تقول لهم؟ ـ فقال : نقول لهم لقد جئتمونا ، أو حال عن فاعل نسيّرا أو فاعل حشرنا أو مفعوله أو فاعل لم نغادر أو ضمير منهم أو فاعل عرضوا منفردا أو على سبيل التّنازع والكلّ بتقدير القول يعنى نقول لهم لقد جئتمونا منفردين عن الأزواج والأولاد والعشائر والمؤانسين وعمّا كسبتم في الدّنيا من المعايش وعمّا كسبتم من العلوم والصّنائع الخياليّة الدّنيويّة ، وعمّا أعطيناكم من القوى والمشاعر الدّنيويّة وعن الأعضاء والآلات البدنيّة الطّبيعيّة ، وعمّن اتّخذتم أولياء من دون الله وذلك كقوله تعالى لقد جئتمونا فرادى (كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) عراة عن ذلك كلّه والتّقييد باوّل مرّة للاشارة الى انّ الاعادة خلقة اخرى ثانية أو للاشارة الى انّ الإنسان من بدو خلقته كلّ آن في خلقة اخرى ثانية بناء على الحركة الجوهريّة ، أو على تجدّد الأمثال ، أو على تحلّل بدنه واتّحاده مع بدنه ، أو على تبدّل كيفيّاته (بَلْ زَعَمْتُمْ) لمّا كان قوله لقد جئتمونا ردّا عليهم في زعمهم عدم البعث كأنّه قال لقد جئتمونا وما زعمتم المجيء بل زعمتم عدمه حسن الإتيان بكلمة بل (أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً وَوُضِعَ الْكِتابُ) اى كتب اعمال الخلائق على ان يكون اللّام للاستغراق ، أو الكتاب الّذى فيه اعمال الخلائق من الألواح العلويّة على ان يكون اللّام للعهد ، أو وضع الكتاب كناية عن نشر الحساب إذا المحاسب يضع كتاب الحساب بين يديه والمراد بوضع الكتاب على الاوّلين وضعه بين أيديهم ، أو على ايمانهم ، وشمائلهم أو في الميزان بناء على انّ صحائف الأعمال توزن (فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ) ممّا ثبت فيه من صغائر ذنوبهم وكبائرها (وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا) على طريق يا حسرتنا من تنزيل الاعراض منزلة ذوي العقول ثمّ ندائها (ما لِهذَا الْكِتابِ) تعجّبوا منه ومن إحصائه جميع أعمالهم وقد رسم في المصاحف فصل لام لهذا الكتاب من مدخوله اشعارا بانّهم من غاية دهشتهم يقفون على الجارّ الّذى هو كالجزء من الكلمة (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً) فعلة صغيرة أو سوأة صغيرة (وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) الّا عدّها (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا) جزاء ما عملوا أو نفس ما عملوا بناء على تجسّم الأعمال أو رسم ما عملوا في الكتاب (حاضِراً) والاوّلان اولى للتّأسيس (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) بنقص ثواب منه أو بالعقوبة له من غير استحقاق ، أو بإظهار مساويه وإخفاء محاسنه ، أو بنسبة ما لا يفعله من المساوى اليه ، في الخبر : إذا كان يوم القيامة رفع الى الإنسان كتابه ثمّ قيل : اقرأ فيقرأ ما فيه فيذكره فما من لحظة ولا كلمة ولا نقل قدم الّا ذكره كأنّه فعله تلك السّاعة فلذلك قالوا : (يا وَيْلَتَنا) (الآية) (وَإِذْ قُلْنا) عطف على عند ربّك والمعنى انّ الباقيات الصّالحات خير ثوابا في الأبد والأزل ، أو عطف على يوم نسيّر الجبال بتقدير ذكّر اى ذكّرهم وقت قولنا قبل خلقتهم (لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِ) قد سبق تفصيله في البقرة (فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي) يعنى انّه لم يطع ربّه الّذى خلقه وربّاه وأنعم عليه فلا ينبغي ان يجعل وليّا فانّ الخارج عن امر المنعم لا يأتى منه الإحسان (وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) والحال انّهم مع الخروج عن طاعة الرّبّ لكم عدوّ فلا ينبغي ان تتّخذوهم أولياء يعنى انّهم في أنفسهم لا يستحقّون الولاية وبالاضافة إليكم أيضا لا يستحقّونها (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ) بجعل الولاية لغير المستحقّ أو هو وجه آخر للمنع عن اتّخاذه وليّا كأنّه قال : وهو للظّالمين ولىّ ومن كان للظّالمين وليّا لا ينبغي