قائمة الکتاب
سورة الكهف
٤٥٨
إعدادات
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة [ ج ٢ ]
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة [ ج ٢ ]
المؤلف :سلطان محمّد الجنابذي [ سلطان علي شاه ]
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الصفحات :489
تحمیل
ان يتّخذ وليّا (بَدَلاً) من الله (ما أَشْهَدْتُهُمْ) ما أشهدت إبليس وذرّيّته ، أو ما أشهدت المشركين كما روى انّ رسول الله (ص) قال : اللهمّ اعزّ الإسلام بعمر بن الخطّاب أو بأبى جهل بن هشام فأنزل الله هذه الآية ، وعلى الاوّل فهو وجه آخر للمنع من جعل إبليس وذرّيّته أولياء يعنى ما أحضرتهم (خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فكيف يكونون خالقيهما أو متصرّفين فيهما ، ومن لا تسلّط ولا تصرّف له فيهما لا ينبغي أخذه وليّا (وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ) فهم غير شاعرين بكيفيّة خلقتهم فكيف بخلقة غيرهم والتّصرّف فيه (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) وضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بعلّة الحكم وذمّ آخر لهم وهو أيضا وجه آخر للمنع من ولايته (وَيَوْمَ يَقُولُ) عطف على عند ربّك أو على يوم نسيّر الجبال بتقدير ذكّرهم (نادُوا شُرَكائِيَ) على زعمكم والمراد بالشّركاء أعمّ من الشّركاء في الوجوب والآلهة والعبوديّة والطّاعة والولاية والوجود (الَّذِينَ زَعَمْتُمْ) انّهم شركاء (فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) اى بين المشركين والشّركاء موبقا لا يصل بعضهم الى بعض ، أو جعلنا وصلهم في الدّنيا سبب هلاكهم في الآخرة كما قيل : انّ بين بمعنى الوصل (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ) وضع الظّاهر موضع المضمر اشعارا بعلّة الحكم وتهديد الغير المشركين من المجرمين واشارة الى ذمّ آخر وتطويلا في مقام الذّمّ (فَظَنُّوا) أيقنوا كما سبق انّ يقين أرباب النّفس ظنّ لا يقين (أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) يتذكّر ويعتبر ويدرك به الحقّ والإنسان لغلبة النّسيان والغفلة عليه لا يتذكّر ويخفى عليه الحقّ (وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ) يتأتّى منه الجدل (جَدَلاً) وخصومة فانّ الانسانيّة المقتضية لا دراك الكلّيّات وتدبير الأمور تقتضي الفحص عن الأمور ووردّ المردود وقبول المقبول ، وبما ذكرنا ظهر وجه الإتيان بالنّاس اوّلا وبالإنسان ثانيا (وَما مَنَعَ النَّاسَ) كلمة ما نافية أو استفهاميّة ، والإتيان بالنّاس للاشعار بانّ مادّة الإنكار وعدم الاستغفار هي النّسيان (أَنْ يُؤْمِنُوا) بالايمان الخاصّ والبيعة مع علىّ (ع) بقرينة (إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى) فانّ الهداية خاصّة بشأن الولاية كما انّ الإنذار خاصّ بشأن النّبوّة كما قال : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ)(وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ) بالاستغفار الحاصل في ضمن البيعة والايمان فيكون تفصيلا لان يؤمنوا باعتبار بعض اجزائه أو بالاستغفار العامّ الحاصل بالنّدم على المساوى وطلب المغفرة لسانا (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) الّا انتظار ان تأتيهم سنّة الله في الاوّلين من إحلال العذاب بهم في الدّنيا أو استعداد ان تأتيهم سنّة الاوّلين من العناد واللّجاج مع أهل الحقّ ، وعلى هذا فلا حاجة في قوله (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ) الى التّخصيص بعذاب الآخرة (قُبُلاً) مقابلا مشهودا (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ) فانّ الرّسول لا محالة يكون جامعا بين جهتي التّبشير والإنذار ليصرف الخلق بالإنذار عن دواعي النّفس ويقرّبهم بالتّبشير الى موائد الآخرة المسبّبة عن اقتضاء العقل ، ولمّا كان التّبشير من جهة ولايته والإنذار من جهة رسالته وكان الرّسول في الأغلب مخاطبا من جهة رسالته لظهورها فيه قال : انّما أنت منذر بطريق الحصر يعنى من جهة رسالتك (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ) بالقول الباطل كقولهم ما أنتم الّا بشر ، مثلنا باعتقاد انّ البشريّة تنافي الرّسالة أو بالسّبب الباطل وهو النّفس والشّيطان (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) ليزيلوا بالجدل أو بالمبدء الباطل الحقّ عن الثّبات والاستقرار