الإطلاق فانّه علّق محبّته على الإحسان في مقابل الاساءة في قوله : (وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) ويدلّ عليه الآيات الأخر الآمرة بالصّبر عند الاساءة بل يكون محبوبا أو غير مبغوض على بعض الوجوه. فانّ للإنسان من اوّل إسلامه الى كمال ايمانه مراتب ودرجات ولكلّ مرتبة حكم ليس لما فوقها ولا لما دونها فلا يجرى حكم مرتبة في مرتبة اخرى ، وهذا أحد معنيي النّسخ في الآيات والاخبار ، فصاحب المرتبة الاولى من الإسلام الّذى لا يقنع نفسه من الاساءة الواحدة بالعشرة ولا يكسر سورة غضبه الّا بالمائة فاذا ائتمر بأمر الله واكتفى من الواحدة بالواحدة كان ذلك منه محبوبا ولصاحب هذه المرتبة قال الله تعالى ، (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) ، ولكن هذا من صاحب الدّرجة الثّانية مذموم وهكذا ، ولذلك ورد : حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين ، والصّبر وكظم الغيظ لصاحب الدّرجة الثّانية ، والعفو وتطهير القلب لصاحب الدّرجة الثّالثة ، والإحسان الى المسيء للمنتهى في الايمان ، ويمكن جعل الاستثناء من لازم الآية وهو ما يستفاد من نفى المحبوبيّة من القول الجهر السّوء كأنّه قيل : كلّ أحد هذا منه مذموم الّا من ظلم (وَكانَ اللهُ سَمِيعاً عَلِيماً) فكلوا امر من ظلمكم اليه ولا تجهروا بالقول السّوء اتّكالا على الله وحياء منه ، أو المراد ردع المظلوم عن الزّيادة على قدر الظّلم يعنى فلا تتجاوزا قدر الظّلم فتصيروا ظالمين فانّ الله سميع يسمع قول الظّالم وقول المظلوم عليم بقدر كلّ (إِنْ تُبْدُوا خَيْراً) بالنّسبة الى من ظلمكم (أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ) ان لم يتيسّر لكم الاوّلان فانّه مقام لا مقام فوقه ، والمراد من العفو هاهنا اعمّ من الصّفح الّذى هو تطهير القلب عن الحقد على المسيء ولذلك لم يذكره فان تفعلوا ذلك تتخلّقوا بأخلاق الله وتتّصفوا بصفاته فتستحقّوا عفوه وإحسانه (فَإِنَّ اللهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً) على الإحسان فأقيم السّبب مقام الجزاء وقدّم الإحسان هاهنا واخّره في آية كظم الغيظ لانّه ابدأه هاهنا بصورة الشّرط والفرض فيناسبه التّرتيب من الأعلى الى الأدنى بخلافه هناك فانّه ذكر هناك على سبيل تحقّق مراتب الرّجال كما انّ قوله (عَفُوًّا قَدِيراً) ، كان على سبيل ترتيب الصّفات ، فانّ المراد من القدرة القدرة على الإحسان الى المسيء ، والإحسان الى المسيء بعد العفو عن إساءته ويجوز ان يراد بها القدرة على الانتقام وحينئذ يكون المعنى انّه عفوّ مع كونه قديرا على الانتقام ليكون ترغيبا في العفو (إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ) بعد ما ذكر أدبا من الآداب جدّد ذكر محبوبه وأعداء محبوبه :
از هر چه مى رود سخن دوست خوشتر است
وورّاه بأدائه بطريق العموم كما هو ديدنه تعالى ، كما قيل :
خوشتر آن باشد كه سرّ دلبران |
|
گفته آيد در حديث ديگران |
فقال تعالى : انّ الّذين يكفرون (بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ) بان آمنوا بالله وكفروا بالرّسول (وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ) كالله (وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ) كالرّسل (ع) ، أو نؤمن ببعض الرّسل كمحمّد (ص) ونكفر ببعض كاوصيائه (ع) (وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ) اى الايمان بمحمّد (ص) والكفر باوصياءه (ع) (سَبِيلاً) ويجوز ان يكون المراد مظاهره كعلىّ (ع) لانّ عليّا (ع) بعلويّته مرتبته مرتبة المشيّة وهي ظهور الله على العباد ومقام معروفيّته وتجلّيه باسمه العلىّ ، غاية الأمر انّ عليّا اسم لتلك المرتبة باعتبار اضافتها الى الخلق ، وفي تفسير القمى : هم الّذين اقرّوا برسول الله (ص) وأنكروا أمير المؤمنين (ع) (أُولئِكَ