هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) لانّهم الكاملون في الكفر حيث ضمّوا النّفاق الى كفرهم وبإظهارهم الإسلام صدّوا كثيرا عن الايمان (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ) كسلمان واقرانه (أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) قرئ بالتّكلّم وبالغيبة يعنى انّا نعطيهم أجورهم بحسب عملهم ونغفر زلاتهم ونتفضّل عليهم بالرّحمة الخاصّة بحسب شأننا من المغفرة والرّحمة ، ولذا قال تعالى بعد ذكر إعطاء أجورهم (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) استيناف منقطع لفظا ومعنى عن سابقه ولذا لم يأت بالوصل ، روى انّ كعب بن الأشرف وجماعة من اليهود قالوا : يا محمّد (ص) ان كنت نبيّا فأتنا بكتاب من السّماء جملة كما أتى موسى بالتّوراة جملة ، فنزلت ، وقال تعالى تسلية لرسوله : لا تعجب من سؤالهم ولا تعظمنّه فانّ هذا دينهم (فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ) يعنى سأل آباؤهم الّذين هم من اسناخهم (فَقالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً) عيانا (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ) وهو سؤالهم ما ليس لهم بحقّ وتجاوزهم عن حدّهم (ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ) معبودا (مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) اى المعجزات من موسى (ع) (فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ) بمحض رحمتنا (وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً) حجّة واضحة أو موضحة لصدقه ، أو تسلّطا في الظّاهر بحيث ما كان يمكن لهم التّخلّف عنه ويكون قوله تعالى (وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ) بيانا للّسلطان باىّ معنى كان (بِمِيثاقِهِمْ) بسبب تحصيل ميثاقهم (وَقُلْنا لَهُمُ) على لسان مظهرنا وخليفتنا موسى (ع) (ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) يعنى باب حطّة (وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) يعنى جعلنا السّبت محترما لهم ومنعناهم فيه عن بعض ما أبحناه لهم في غيره كالصيّد (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً) على ذلك ، ولمّا كان مقصوده تعالى من كلّ قصّة وحكاية ذكر علىّ (ع) والتّرغيب في الولاية عرّض بذكره بعد هذه الحكاية فكأنّه قال : يا أمّة محمّد (ص) قد أخذنا عليكم الميثاق بالولاية فتذكّروا أمّة موسى (ع) حتّى لا تصيروا بسبب نقض هذا الميثاق معاقبا مثلهم (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) فعلنا بهم ما هو مثل على ألسنتكم ومشهور بينكم بحيث لا حاجة الى ذكره من مسخهم وعقوباتهم الاخر (وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ) فتنبّهوا حتّى لا تكفروا بعلىّ (ع) (وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍ) فاحذروا ان تقتلوا عليّا (ع) والحسن (ع) والحسين (ع) فانّ شأنهم شأن الأنبياء بل أرفع كما حدّثكم به نبيّكم (وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ) اوعية للعلوم استكبارا وارتضاء بأنفسهم ، أو في اكنّة استهزاء بالأنبياء فاحذروا ان تستبدّوا بآرائكم في مقابلهم (بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) اضراب وابطال لما قالوا وإثبات لضدّه ، يعنى ليس في قلوبهم علم أو ليس قلوبهم في اكنّة بل طبع الله عليها بكفرهم (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا) ايمانا (قَلِيلاً) وهو الايمان العامّ النّبوىّ (ص) أو الّا قليلا منهم (وَبِكُفْرِهِمْ) بعيسى (ع) (وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) فاحذروا ان لا تبهتوا على مريم هذه الامّة ولا تضعوا حديثا ولا تأخذوا فدك منها (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ) ذكروا رسول الله استهزاء والا فما كان لهم اعتقاد برسالته يعنى بتجرّيهم على انتحال قتله وقولهم هذا لعنّاهم وعاقبناهم