هو الولاية السّارية المقوّمة لكلّ الأشياء والأصل فيها علىّ (ع) وكلّ الأنبياء والأولياء من السّلف والخلف أظلاله فاوّل ما يظهر هو الولاية المطلقة فيؤمن الكلّ بها ، والاخبار في انّ المعنى ما من كتابىّ الّا ليؤمننّ قبل موته بمحمّد (ص) وعلىّ (ع) كثيرة ، وفي خبر : هذه نزلت فينا خاصّة ، وحاصل ذلك الخبر انّه ما من ولد فاطمة أحد يموت حتّى يقرّ للإمام بإمامته ، وما ورد في تفسيره من الايمان بمحمّد (ص) أو بعيسى (ع) أو بالمهدىّ (ع) كلّها راجع الى الايمان بعلىّ (ع) فانّ الكلّ ظهور الولاية الكلّيّة وهو المتحقّق بها (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً) يعنى عيسى (ع) أو المنظور منه تسلية اخرى لمحمّد (ص) بأنّ عليّا (ع) يكون يوم القيامة شاهدا على أهل الكتاب وعلى منافقي أمّته فيشهد عليهم بما فعلوا (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) اى طيّبات الرّزق الصّورىّ أو طيّبات عظيمة هي رزق الرّوح الانسانىّ من العلوم الكسبيّة أو اللدنّيّة والمشاهدات والمعاينات ، والآية بتمام اجزائها تعريض بمنافقى الامّة المعرضين الصّادّين عن الولاية وآكلى الرّبا وآكلى الرّشى وغيرهم يعنى إذا علمت انّ كلّما أصاب الّذين هادوا كان بشنائع أعمالهم علمت انّ تحريم الطّيّبات المحلّلة عليهم أيضا كان بواحد منها ، يعنى فاحذروا عن مثل أفعالهم أو علمت انّه كان بظلم عظيم من أنواع ظلمهم وهو اعراضهم عن الولاية بقرينة قوله تعالى (وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) وسبيل الله هو الامام الّذى يفتح باب القلب فيسير السّالك بالتّوسّل به الى الله وكلّ عمل يدلّك على هذا الامام أيضا سبيل الله لانّ سبيل السّبيل سبيل (كَثِيراً) صدّا كثيرا أو جمعا كثيرا (وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ) قد سبق معنى الباطل والحقّ الّذى في مقابله (وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ) لا التّائبين ولا المذنبين المعترفين (عَذاباً أَلِيماً) لمّا توهّم من نسبة سؤال الكتاب والنّقض والصّدّ وغير ذلك إليهم عموما انّ الكلّ كانوا مخالفين له (ص) غير مؤمنين به استدركه بقوله تعالى (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ) اى منهم فالمعنى والمنقادون المسلمون بأنبيائهم وخلفاء أنبيائهم أو المؤمنون من أمّتك فالمعنى والمنقادون المسلمون بك من أمّتك أو منهم ومن أمّتك (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) عموما ومنه الولاية أو بما انزل إليك من ولاية علىّ (ع) خصوصا فانّها منظورة من كلّما ذكر (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) في علىّ (ع) أو عموما (وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ) ويؤمنون بالمقيمين الصّلوة ولمّا وسم عليّا (ع) باسم مقيم الصّلوة ومؤتى الزّكاة بقوله : (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) ورّى عنه بالمقيمين الصّلوة وأتى بالمؤتون الزّكاة بالرّفع ليكون تورية اخرى حتّى لا يسقطوه كسائر موارد التّصريح به وعلى هذا فقوله تعالى (وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) خبر مبتدء محذوف كأنّه قال : وهم المعهودون بإيتاء الزّكاة في الرّكوع وقد بيّن العامّة وجوها لاعراب الآية لا فائدة في إيرادها وان كانت محتملة بحسب اللّفظ (وَ) هم (الْمُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ) الرّاسخون المؤمنون (سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً) لايمانهم بما انزل إليك في علىّ (ع) (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) استيناف لتشييد رسالته حتّى يستفاد منه صدقه في الولاية أو لتشييد الوحي اليه في الولاية ولذا لم يأت بأداة الوصل ، وتقديم المسند اليه مضمرا مصدّرا بانّ لتقوية الحكم مع اشارة ما الى الحصر ، فان كان المقصود نفس تقرير الوحي اليه من غير نظر الى الوحي به فالمعنى لابدع في الوحي إليك حتّى