فلا يضلّوا كما ضلّ قوم موسى (ع) (يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ) من فلق البحر وتظليل الغمام وإنزال المنّ والسّلوى وغير ذلك (يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ) يعنى الشّام (الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ) ان تكون مسكنا لكم فخالفوا وحرموا ودخلها أبناء أبنائهم كذا نقل (وَلا تَرْتَدُّوا) من طريق الأرض المقدّسة الّتى هي الشّام أو ارض القلب (عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ) كما قال نبيّنا (ص) لامّته هذه المقالة في علىّ (ع) فأبوا الّا الارتداد و (قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها) لعدم طاقتنا لمقاومتهم (فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ قالَ رَجُلانِ) يوشع بن نون وكالب بن يوفّنا ابنا عمّه وقيل : رجلان من أهل الشّام أسلما بموسى (ع) (مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ) يتّصفون بالخوف أو يخافون سخط الله (أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمَا) معترضة أو حال (ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ) يعنى باغتوهم حتّى لا يتمكّنوا من الإصحار أو قوّوا قلوبكم ولا تنظروا الى عظم جثّتهم فانّهم أجسام خالية عن الجرأة (فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) يعنى انّ الايمان يقتضي التّوكّل عليه فهو شرط للتّهييج (قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ) هذا الكلام منهم لغاية حماقتهم واعتقادهم انّ الله هو واحد مثلهم لكنّه يقدر على ما لا يقدرون فقالوا خوفا من الجبابرة : اذهب أنت وربّك ، وقيل : هذا القول منهم كان استهزاء بالله ورسوله وعدم مبالاة بهما (قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) امّا المراد بأخى هرون أو المراد كلّ من كان منقادا له ومواخيا معه على ان يكون المفرد المضاف كالمعرّف باللّام للعموم ، وأخي في موضع الرّفع معطوفا على محلّ اسم انّ أو على المستتر في لا أملك وسوّغه الفصل ، أو في موضع النّصب معطوفا على اسم انّ ، أو على نفسي ، أو في موضع الجرّ معطوفا على الياء مضاف إليها النّفس من دون اعادة الجارّ على ضعف (فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) قاله دعاء عليهم وتحسّرا (قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ) عقوبة لهم فلا يدخلونها ولا يملكونها بسبب عصيانهم (أَرْبَعِينَ سَنَةً) ظرف لمحرّمة أو لقوله تعالى (يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ) ومعنى يتيهون يتحيّرون لا يرون طريقا للخروج (فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ) كأنّه كان نادما عن دعائه عليهم متحسّرا لهم ، عن الباقر (ع) عن رسول الله (ص) والّذى نفسي بيده لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو النّعل بالنّعل والقّذة بالقّذة حتّى لا تخطؤا طريقهم ولا تخطأكم سنّة بنى إسرائيل ثمّ قال الباقر (ع): قال موسى (ع) لقومه : يا قوم ادخلوا الأرض المقدّسة الّتى كتب الله لكم ، فرّدوا عليه وكانوا ستّمائة الف فقالوا : (يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ ...) (الآيات) ، قال فعصى أربعون ألفا وسلم هرون وابناه ويوشع بن نون وكالب بن يوفنّا ، فسمّاهم الله فاسقين فقال : لا تأس على القوم الفاسقين فتاهوا أربعين سنة لانّهم عصوا وكانوا حذو النّعل بالنّعل انّ رسول الله (ص) لمّا قبض لم يكن على امر الله الّا علىّ والحسن (ع) والحسين (ع) وسلمان (ره) والمقداد (ره) وأبو ذرّ (ره) فمكثوا أربعين حتّى قام علىّ (ع) فقاتل من خالفه (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ