قال عليهالسلام : «قلت وبالله التوفيق : فالخلاف حينئذ لفظي» والمعنى واحد وهو أنه جل وعلا لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس وقال «ضرار» بن عمرو من المجبرة «يرى تعالى» في الآخرة «بحاسّة سادسة» يخلقها الله تعالى غير الحواس الخمس.
«قلنا» لا يعقل ذلك فإن عنى به ما ذكره الرازي» وهو المعرفة الضرورية «فالخلاف» بيننا وبينه «لفظي أيضا» وقالت «المجسمة» والحشوية والمشبهة إنه يرى في الآخرة في جهة دون جهة وإنه يجوز لمسه تعالى الله عن ذلك «كالمرئيات من الأجسام والأعراض» بناء على مذهبهم وقد مر إبطاله قالوا : قال الله تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) أي ناعمة من النضارة (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) (١) فزعموا أن المراد إلى ربها مبصرة وقالوا : قد ورد «في الحديث سترون ربكم يوم القيامة كالقمر ليلة البدر».
«قلنا : معنى قوله (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) أي منتظرة لرحمة الله» وثوابه «كقوله تعالى» في قصة بلقيس : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ) (٢) : أي منتظرة» لما يأتي به المرسلون من خير أو شر ويقول القائل : إنما ينظر العبد إلى سيده وإنما انظر إلى الله ثم إليك «و» مثل «قوله تعالى حاكيا عن الأشقياء» كالمنافقين وغيرهم «أنظرونا» أي انتظرونا أي تأنّوا في مسيركم إلى الجنة منتظرين لنا «نقتبس من نوركم» أي نستضيء بنوركم فنمشي في ضوئه معكم لأن المؤمنين يسرع بهم إلى الجنة ونورهم يسعى بين أيديهم ، والأشقياء في ظلمة شديدة.
فقوله تعالى : (انْظُرُونا) «أي انتظرونا ، ومثل قوله تعالى : (وَقُولُوا انْظُرْنا) أي انتظرنا» وذلك أن المؤمنين كانوا إذا ألقى عليهم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم شيئا من العلم يقولون : راعنا أي انتظرنا وأمهلنا حتى نتفقه.
وكان لليهود كلمة يتسابّون بها وهي راعنا فلمّا سمعوا من المسلمين
__________________
(١) القيامة (٢٢ ، ٢٣).
(٢) النمل (٣٥).