فإن قالوا : إن الله سبحانه لا يتعلق علمه بصفة ما سيكون الوجودية وأنه لا يعلم هذه الصفة إلّا من بعد وجوده.
قلنا : هذا هو المحال وهو أن يعلم الذات ولا يعلم صفتها الوجودية (١) فإن من علم الذات علم صفتها الوجودية قطعا (٢) لأنه يستحيل تعقل الذات خالية عن صفتها الوجودية ، كما يستحيل تعقل الصفة خالية عن الموصوف.
وأيضا : فيلزم أن يكون الله تعالى جاهلا حيث لا يعلم صفته الوجودية قال «الإمام الحسن بن علي بن داود» بن الحسن بن علي بن المؤيد «عليهمالسلام : ليس مرادهم ثبوتها» في العدم «إلّا تصورها» للعالم بها والقادر عليها أي تخيل صورتها وتمثيلها ليصح القصد إلى تلك الصورة كما أن العمّار لا يعمر إلّا ما قد تخيله وتصوّره.
قال عليهالسلام : «قلت : وفيه» أي ما ذكره الإمام الحسن بن علي «نظر» لأنه خلاف ظواهر أقوالهم في ذلك أو لأن هذا الحمل وإن كان مرادهم غير مخلص لهم «لأن علم الله سبحانه» وتعالى للمعلومات «ليس بتصور» لأنّ التصور هو تخيل صورة الشيء وتمثيلها في الذهن فهو عرض يختص بالمحدثين والله سبحانه يتعالى عن ذلك ، ويتفرع على هذه المسألة تسمية المعدوم شيئا فمن أثبت الذوات في العدم سمّى المعدوم شيئا حقيقة ، ومن لا فلا يسميه شيئا حقيقة بل مجاز كقوله تعالى : (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) (٣) ويدل على هذا قوله تعالى : (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئاً) (٤) وقوله : (أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً) (٥) وغير ذلك من آي القرآن.
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «كان الله ولا شيء» ، وروي عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض خطبه : «إن الله مشيّئ الأشياء».
__________________
(١) (أ) ناقص الوجودية.
(٢) (أ) ناقص قطعا.
(٣) الحج (١).
(٤) مريم (٩).
(٥) مريم (٦٧).