لا تسقني ماء الكآبة إنّني |
|
صبّ قد استعذبت ماء بكائي |
قال لأبي تمّام : أعطني في هذا الكوز من ماء كآبتك العذب فقال أبو تمّام : خذ هذا المقراض واقصص لي ريشتين من جناح الذل.
«و» أما «تأويلهم» أي تأويل من أنكر المجاز «بأنها» أي تلك المجازات المذكورة وغيرها «حقائق» فهو «خلاف المعلوم من لغة العرب فلتتّبع» أي لغة العرب ، ومع تتبعها ومعرفة مقاصد أهلها يعرف بطلان قول منكري المجاز.
قال عليهالسلام : «ولا بدّ» في المجاز «من علاقة» رابطة «بين المدلول الحقيقي والمجازي» فالحقيقي هو السبع مثلا ، والمجازي هو الرجل الشجاع ، والعلاقة الرابطة بينهما هي الشجاعة ونحو ذلك «فإن كانت» أي العلاقة «غير المشابهة بينهما» أي بين الحقيقي والمجازي «فالمرسل» أي فهو الذي يسمّى المجاز المرسل نحو اليد الموضوعة للجارحة إذا استعملت في النعمة لمّا كانت النعمة في الأغلب لا تصل المنعم عليه إلّا من اليد فسمّيت باسم سببها «وإلّا» أي وإلّا تكن العلاقة غير المشابهة بل كانت هي المشابهة «فالاستعارة» أي فذلك المجاز يسمّى استعارة.
وللمرسل والاستعارة أقسام وشروط مذكورة في كتب المعاني والبيان وقد أشار عليهالسلام إلى طرف من ذلك فقال :
«فإن ذكر المشبه به» دون المشبه «نحو : رأيت أسدا يرمي» فقد ذكر هنا اسم المشبّه به وهو الأسد وطوى ذكر المشبّه وهو زيد مثلا مع أنه هو المراد باللفظ بادّعاء السّبعيّة له والقرينة قوله يرمي لأن الرمي من خصائص الإنسان «فالتحقيقية» أي فهي تسمّى استعارة تحقيقية لتحقق معناها حسّا أو عقلا كاهدنا الصراط المستقيم أي الطريق التي لا عوج فيها استعيرت لدين الحق والإيمان وهو متحقق عقلا «وإن ذكر المشبّه» وأريد به المشبّه به بالادّعاء والتخييل «نحو» قولنا : «عليّ كرم الله وجهه يفترس الأقران» فقد ذكر اسم علي عليهالسلام وأريد به السبع المعروف بادّعاء السبعية له وإنكار أن يكون شيئا غيره ، ومثل هذا قول الهذلي :
وإذا المنية أنشبت أظفارها