«فالمكنّى عنها» أي فهي تسمّى استعارة مكنّي (١) عنها لعدم التصريح بها وتحقق معناها «وهي» أي المكنى عنها تستلزم الاستعارة التخييلية» والتخييلية هي ما لا تحقق لمعناها حسّا أو عقلا بل هي صورة وهميّة «نحو يفترس الأقران» في المثال المذكور فإنه لمّا شبه عليّا عليهالسلام بالأسد في إهلاك الأقران أخذ الوهم في تصويره بصورة السبع واختراع لوازمه له من الافتراس وغيره توهّما وتخييلا ، ثم أطلق عليه لفظ يفترس استعارة تصريحيّة ، وكلفظ الأظفار في قول الهذلي فإنه لمّا شبه المنية بالسبع في الاغتيال أخذ الوهم في تصويرها بصورته واختراع لوازمه لها فاخترع لها مثل صورة الأظفار ثم أطلق على ذلك الذي اخترعه وتصوّره وتخيله للمنية لفظ الأظفار المحققة التي تكون في السبع المخصوص فتكون استعارة تصريحية لأنه قد أطلق لفظ المشبه به وهو الأظفار المحققة على المشبّه وهو صورة وهميّة شبيهة بصورة الأظفار المحققة ، والقرينة إضافتها إلى المنية وليست استعارة تحقيقية لأن المشبه هاهنا ليس متحققا حسّا ولا عقلا.
وهذا الذي ذكرناه من تفسير الاستعارة بالكناية هو قول السكاكي.
وأما صاحب التلخيص فإنه جعل الاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية من باب التشبيه المضمر في النفس وليستا من المجاز ، والحقّ هو الأول والله أعلم.
وإنما استلزمت الاستعارة بالكناية الاستعارة التخييلية لأن التخييلية قرينة المكنى عنها أما عند السكاكي فلأنه لو لم يذكر الأظفار وإنشابها لما عرف أن المراد بالمنية السبع بادّعاء السبعية لها. وأما عند صاحب التلخيص : فلأنه لا يعلم تشبيه المنية بالسبع إلّا بذلك.
«ولفظ يفترس» يسمّى «استعارة تبعيّة» وإنما سمّيت تبعية لأن الاستعارة في الأفعال وما أشبهها تابعة للاستعارة في المصادر لأنه لمّا شبّه قتل الأقران بالافتراس صلح أن يشتق من الافتراس الفعل واسم الفاعل واسم المفعول ونحو ذلك.
قال عليهالسلام : «وقد حصرت العلاقة» التي بين المدلول الحقيقي
__________________
(١) (ن) مكيّا عنها.