الصفة من المستقبل.
وأما اشتقاقها من الماضي كضارب لمن قد وقع منه الضرب في المدة المتقدمة فحكى في الفصول عن الجمهور أنه يكون مجازا ، وأنه يشترط في كونه حقيقة بقاء معناه مطلقا.
وحكى عن أبي هاشم وابن سيناء : أنه لا يشترط بقاء معناه مطلقا بل يكون في الماضي حقيقة كالحال.
قال : وقيل : إن كان بقاؤه ممكنا لوجود أجزائه دفعة كضارب اشترط ، وإلّا فلا كمتكلم قال وهو في الاستقبال مجاز اتفاقا انتهى.
فعرفت ضعف الرواية عن أبي هاشم وأنه إنما خالف في اشتقاق الصفة من الماضي ، وقوله هو الحق أعني أنه حقيقة في الماضي كالحال لأنه يقال : فلان ضارب وقاتل لمن وقع منه الضرب أو القتل من غير نظر إلى بقاء المشتق منه وانقطاعه ، لأن الموجب للحقيقة هو حصول معناها اللغوي وهو حصول المشتق منه وقد حصل وهذا هو السابق إلى الفهم.
حتى لو قال قائل : فلان ضارب لم يترجح فهم الحالية منه على المضي بخلاف المستقبل فإنه لا يفهم إلّا بقرينة والله أعلم.
والذي حكاه عليهالسلام عن بعض أهل العربية لم أقف عليه لأحد منهم إلّا أنه حكي عن الكسائي وغيره أن اسم الفاعل يعمل عمل فعله وإن كان بمعنى المضي وهذا بمعزل عن الحقيقة والمجاز والله أعلم. قال عليهالسلام : «قلنا» ردّا على الجمهور : «الاشتقاق لا يفتقر إلى حصول معنى المشتق منه إذ ليس» حصوله «بمؤثر فيه» أي في صحة الاشتقاق» بل للواضع أن يشتق من اسم ما سيحصل له مثل تسميته له» أي لما سيحصل ، فكما صحّ تسمية الواضع لما سيحصل كذلك يصح الاشتقاق بما سيحصل ولا مانع من ذلك.
ويمكن أن يقال : المخالف لم يمنع من ذلك ، وإنما منع كونه حقيقة (١)
__________________
(١) (ض) من كونه.