والثاني لا يخلو إمّا أن يكون عدم الغرض في الفعل وهو العبث أو كان ضررا خالصا وهو الظلم.
فإن قيل : فيقبح الظن الذي متعلّقه لا على ما هو به لحصول علّة القبح.
قلنا له مقتض وهو الأمارة بخلاف الكذب والجهل انتهى.
ولعل كفر النعمة خارج عن هذا التقسيم لأنه يتعلق بغيره وليس متعلقه لا على ما هو به.
وأيضا : فإن الجهل والكذب إنما قبحا (١) لكونهما صفة نقص لا لكون متعلقهما لا على ما هو به والله أعلم.
وكذلك القبيح الشرعي كالزنا وشرب الخمر فإنه لا يقبح إلّا لوقوعه على وجه إمّا كونه (٢) مفسدة عند المعتزلة ، أو كونه (٣) مؤديا إلى كفران النعمة لمخالفته أمر المالك المنعم عند قدماء أئمة أهل البيت عليهمالسلام.
وإنما كان حد الحسن والقبيح ما ذكرنا «إذ الأصل في مطلق الأفعال» أي الأفعال التي ليس لها جهة قبح ولا حسن ظاهرين فالأصل فيها «الإباحة» كالتمشّي في الأرض وتناول الأحجار والأشجار التي لا ملك لأحد فيها.
وقال بعض «البغدادية» وهو أبو القاسم البلخي ومن وافقه «وبعض الإمامية» وبعض «الفقهاء» المراد بالفقهاء : الشافعية والحنفية والمالكية والحنبلية وهذه رواية صاحب الفصول عنهم «بل» إنما يقبح الفعل «لعينه» أي لذاته وجنسه ، قالوا : «لأن الأصل في مطلقها الحظر» أي المنع.
قال النجري : وقد تؤوّل كلام البغدادية بأن معنى كون القبيح (٤) مثلا ذاتيّا للظلم أنه لا يقع ظلم إلّا وهو قبيح وكذلك الكذب وسائرها فهو ذاتي لما قد حصل فيه وجه القبح لا لمجرد ذات الفعل.
__________________
(١) (ض) قبحهما.
(٢) (ض) لكونه.
(٣) (ض) لكونه.
(٤) (أ) القبح.