«و» أما إيلام أهل المعاصي فإنه يحسن من الله تعالى «إيلام أهل الكبائر» المحبطة للطاعات «تعجيل عقوبة» لهم «فقط» أي لا عوض لهم فيه ولا منفعة وإنما هو تعجيل عقوبة لهم.
«وقيل» بل لهم عوض لأنه «لا عقاب قبل الموافاة» أي قبل موافاة يوم القيامة ، وهذا قول أبي هاشم ، وخالفه أبوه أبو علي فقال : يجوز أن يكون إيلامهم عقوبة فقط (١) «لنا» حجة على قولنا : «قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) (٢) «ويعفو عن كثير» فدلّت على أن المصائب النّازلة بهم من الآلام وغيرها بسبب كسبهم المعاصي ، وهذا حقيقة العقوبة ، والآية عامّة في العصاة جميعا.
وفي الكشاف : عن النبيء صلوات الله عليه وعلى آله وسلم : «ما من اختلاج عرق ولا خدش عود ولا نكبة حجر إلّا بذنب» ولما يعفو الله أكثر وأيضا : إيلامنا أهل الكبائر بإقامة الحد عليهم كأنه من الله لأنه أمر به «ولا خلاف بين العلماء : أن الحدّ عقوبة» لا عوض فيه و «لقوله تعالى : (وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٣) فنص الله على أن الحد عذاب والعذاب عقوبة «ونحوه» كقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٤).
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «من بدّل دينه فاقتلوه ومن سبّني فاقتلوه» فإن ذلك مشعر بأن ذلك عقوبة لا عوض فيه إذ لو كان فيه عوض لبطل كونه عقوبة.
«و» يحسن إيلام صاحب الكبيرة أيضا «لاعتبار نفسه فقط» أي من دون عوض ولا عقوبة «كما مرّ» في حق المؤمن.
«ولقوله تعالى (أَوَلا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ)
__________________
(١) (ض) عقوبة لهم فقط.
(٢) الشورى (٣٠).
(٣) النور (٢).
(٤) المائدة (٣٨).