قال : ولا خلاف فيمن مات حتف أنفه أو قتل أنه مات بأجله ، لأن الأجل هو وقت الموت وهما جميعا قد ماتا وقت موتهما ، وإنما الخلاف في المقتول لو لم يقتل كيف كان يكون حاله في الحياة والموت. انتهى.
وهذا من الحاكم تأويل لكلام البهشمية ومن وافقهم.
وفي هذا التأويل نظر إذ المسألة مفروضة بعد وقوع القتل هل كان يجوز من الله سبحانه إبقاء حياة المقتول مع الفرض بأنه لم يقتل لأن القتل ليس فعلا له تعالى ، أو كان تعالى يميته في ذلك الوقت الذي قتل فيه ، وهذه المسألة لا تحتمل غير ثلاثة أوجه :
إمّا أن يقطع بحياته لو سلم من القتل كما هو مذهب قدماء أهل البيت عليهمالسلام أو يجوز حياته وموته كما هو مذهب البهشمية وأتباعهم.
أو يقطع بموته كما هو مذهب الجبرية بناء منهم أن الأفعال من الله تعالى الله عن ذلك.
ولا تحتمل القسمة غير هذه الأوجه الثلاثة.
وأما قولهم : إنّا نجوز ذلك قبل وقوع القتل لا بعده فنقول لهم : ما المراد بقولكم هذا أتريدون أن الرّجل السّويّ الصحيح يجوّز موته في أي وقت من الأوقات ويجوّز حياته؟ فهذا صحيح ولا نزاع فيه ، وإن أردتم أن هذا التجويز مستمر إلى أن يقع عليه القتل ومتى وقع انتفى التجويز ، قلنا : التجويز قبل وقوع القتل متفق عليه وليس بمحل النزاع.
وقولكم : بعد وقوع القتل ينتفي التجويز ويقطع أنه مات بأجله هو محل النزاع وهذا هو مذهب الجبرية بعينه ، وإن بقي التجويز بعد وقوع القتل كما كان قبله بطل قولكم أنه ينتفي التجويز بعد القتل ، فعرفت من هذا أن تأويل الحاكم لقول البهشمية لا يصح.
وأما قولهم (١) لا خلاف أن المقتول مات بأجله فهو صحيح ولا نزاع
__________________
(١) (ض) أنه لا خلاف.