«و» حقيقة «التكليف اصطلاحا» أي في اصطلاح أهل الشرع الذي تعارفوا عليه فهي عرفية خاصة : «البلوغ والعقل» فيقال فلان مكلف أي عاقل ، وأصله من تسمية السّبب باسم المسبّب.
«و» حقيقته «شرعا» أي الحقيقة التي أثبتها الشارع : «تحميل الأحكام» الخمسة عقلية أو شرعية فيقال : فلان مكلف أي محمّل فعل الصلاة وسائر الواجبات الشرعية والعقلية ، وكذا هو محمّل فعل المندوب وترك المكروه على وجه التحبيب لا الحتم ، ومحمل معرفة حكم المباح فحقيقته في الشرع بعض حقيقته في اللغة.
«ووجه حسنه : كونه عرضا على الخير» وهو الفوز بالنعيم الدائم والدرجات العالية في جنات عدن مع التعظيم الذي لا يكون إلّا مع الثواب «كما مر» ذكره في مسألة إيجاد الخلق سواء سواء وأيضا : قد تقرر أن الله تعالى عالم غني حكيم فإذا صدر من جهته تعالى فعل وغمض علينا وجه المصلحة على جهة التفصيل رددناه إلى هذه القاعدة وقضينا بكونه حكمة وصلاحا سواء كان تكليفا أو غير تكليف ، وهذا جواب مقنع لا يرد عليه شيء.
وقد أشار إليه القاسم بن إبراهيم عليهماالسلام في جواب الملحد.
قال الإمام يحيى عليهالسلام : شرائط التكليف منها ما يرجع إلى المكلّف الحكيم وهو أن يكون منعما بأصول النعم وهي خلق الحيّ وخلق حياته وخلق قدرته وخلق شهوته وإكمال عقله وتمكينه من (المشتهيات ونصب الأدلة ، وأن يكون تعالى مزيلا للأمور المانعة عن تحصيل الأفعال المكلّف بها ، وأن يكون تعالى مزيحا للعلل بتحصيل الألطاف على رأي الموجبين لها.
قلت : والصحيح أنها لا تجب كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
قال : وأما ما يرجع إلى المكلّف العاقل فهو : أن يكون قادرا على تحصيل ما كلّف به من فعل أو كفّ ، وأن يكون عاقلا لأن العقل هو ملاك التكليف ، وأن يكون مشتهيا للشيء الذي منع منه ونافرا عن الشيء الذي أمر بفعله لأنّ معقولية التكليف لا تحصل إلّا بما ذكرناه من المشقة وأن يكون عالما