وأصحاب اللطف : إنه قد يحسن الألم من الله تعالى لمجرد دفع الضرر من غير عوض.
وقال جعفر بن حرب : إذا كان الفعل مع عدم اللطف أشق والثواب عليه أكثر جاز ترك اللطف ، وهذا ينقض قولهم بوجوب اللطف.
وقال الإمام يحيى عليهالسلام في الشامل : اتفقت العدلية من الزيدية والمعتزلة على القول : بوجوب اللطف والعوض والثواب على الله تعالى وغير ذلك من الأمور الواجبة عليه تعالى من أجل التكليف.
فأمّا ما لا يتعلق بالتكليف كالأفعال المبتدأة فلا يوصف بكونه واجبا ، وإنّما يوصف بكونه نعمة وإحسانا وتفضّلا كأصل التكليف نفسه.
قال : وذهب محققو الأشعرية كالجويني والغزالي وصاحب النهاية : إلى أنه لا يجب على الله واجب أصلا لا ابتداء ولا لأجل سبب آخر.
قلت : وفي إطلاق القول عن العدليّة كافة نظر لما سيتّضح لك إن شاء الله تعالى عنهم.
وقد حكى العنسي رحمهالله تعالى وغيره عنهم خلاف هذا وهو أنه لا يجب على الله تعالى شيء ، وقد بسطنا ذلك في الشرح.
و «لنا» حجة على مخالفينا : «ما مر» من أن الطاعات شكر وأن الآلام تفضل لأنها عرض على الخير كأصل التكليف.
ثم نقول : قد ثبت أن الله سبحانه متفضل بإيجاد الخلق وبتكليفهم وبزيادة التكليف كالامتحان بخلق إبليس وإمهاله والتخلية بينه وبين من يضله ، وزيادة الشهوة وتكليف الأمور الشاقة كالقتال ونحوه وكقتل النفس في زمان موسى صلوات الله عليه ، وامتحان أهل القرية بخروج الصيد يوم السبت وغير ذلك من زيادة التكليف.
وكل ذلك تفضل من الله سبحانه لأنه عرض على استكثار الخير وهو عدل وحكمة لأنّ فيه تمييز راسخ الإيمان من المتلبّس به على حرف وإذا كان