كذلك : فلا معنى لإيجاب الألطاف ولا غيرها على الله تعالى وأما التمكين فهو من تمام التكليف ، فلا يصح التكليف إلّا مع التمكين فلا يصح أن يقال يجب التمكين ولا يجب التكليف ، فهو لما كان التكليف تفضلا محضا بالاتفاق فالتمكين تابع له في ذلك ، ولا يلزم منه أن يقال : يصح أن يكلف الله عبدا بفعل ولا يمكّنه من ذلك الفعل لأنه يكون حينئذ ظلما والله سبحانه منزّه عن الظلم ، كما لا يجوز أن يخلق خلقا ليعذّبه بالنار من غير ذنب.
وأما الثواب : فهو مع كون الطاعات شكرا لله سبحانه كما مر ، ومع كونه في مقابلة عمل يسير منقطع في الدنيا تفضّل محض.
ثم أخبرنا الله سبحانه بأنه متفضّل على المطيعين بزيادة الهدى وتنوير البصيرة والإعانة لهم على الطاعة وجميع أمورهم ، وذلك من مقدمات ما وعدهم به وتفضل عليهم من الثواب.
وأما العقاب : فهو حق له تعالى لا عليه ، والمعنى : أنه مصلحة راجعة إلى العباد وزجر عن ارتكاب القبيح وكفر المنعم (١) ، لأنه عزوجل أغنى الأغنياء عن الحاجة إلى الحقوق ، ولو لم يكن العقاب مستحقّا عقلا وسمعا لكان المكلف مغرى بالقبيح ، والإغراء بالقبيح قبيح وقد أخبرنا الله سبحانه بأن من عصاه وخالف أمره واتّبع هواه سلبه الله زيادة الهدى والتنوير وخلّاه وشأنه ووكله إلى نفسه.
وذلك أيضا من مقدمات ما أعد الله له في الآخرة إلّا أن يرجع إلى ربه ويتوب من عظيم ذنبه ، قال الله سبحانه (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ) (٢).
وأما قبول التوبة : فهو تفضل أيضا وعد الله به عباده وهو لا يخلف الميعاد ، وقد كان العاصي عقيب عصيانه يستحق العقوبة عقلا ومما يدل على ما ذكرناه من أقوال الأئمة عليهمالسلام : قول الوصي كرم الله وجهه في
__________________
(١) (ض) وكفران النعم.
(٢) الأنعام (١١٠).