(قلنا) : جوابا عن ذلك (هو) أي : وضع الصراط على الصفة المذكورة وورود الخلائق إياه أمر (ممكن ، وارد على وجه الصحة) في الأخبار التي قدمنا بعضها ، (فرده ضلالة) لأنه رد لما صح ورود السنة به.
وقوله : (وهذا لأن القادر) ... الخ جواب سؤال هو أن يقال : كيف يمكن المرور عليه وهو كما ذكرتم أدق من الشعر وأحدّ من السيف؟ والجواب هو : أن القادر (على أن يسير الطير في الهواء قادر على أن يسير الإنسان على الصراط) بل هو سبحانه قادر على أن يخلق للإنسان قدرة المشي في الهواء ، ولا يخلق في ذاته هويا إلى أسفل ولا في الهواء انخراقا ، وليس المشي على الصراط بأعجب من هذا.
(كما ورد أنه قيل له عليه) الصلاة و (السلام ، لما ذكر أن الكافر يحشر على وجهه : ((١) كيف يمشي على وجهه؟ (١))) والحديث في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه ولفظه : إن رجلا قال : يا نبي الله كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ (قال : «أليس الذي أمشاه على رجليه) ولفظ الحديث : «على الرجلين في الدنيا» (قادرا على أن يمشيه على وجهه) يوم القيامة (فيمر ناس عليه) أي : على الصراط (كالبرق و) ناس (كالريح و) ناس (كالجواد وآخرون يسقطون) في النار (٢)» (على ما) ورد (في الصحاح من الأخبار) ، ومنها :
في الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري في حديثه في الحشر : «ثم يضرب الجسر على جهنم» إلى أن قال : «فيمر المؤمنون كطرف العين ، وكالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل والركاب ، فناج مسلّم ، ومخدوش مرسل ، ومكدوس في نار جهنم» (٣).
__________________
للعذاب أو ألوانه ، بل الأصلح لهم إدخالهم الجنة ، وفي ذلك تقديم العقل على النصوص الصريحة في إثبات الصراط ، وما أدرى المعتزلة لعل في ذلك تنعيم للمؤمنين.
(١) سقط من (م).
(٢) البخاري في الرقاق ، باب الحشر. رقم : (٦١٥٨) ، ومسلم برقم : (٢٨٠٦).
(٣) رواه البخاري في كتاب التوحيد ، باب (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) برقم : (٧٤٣٩) ، ومسلم برقم : (١٨٣) ، والنسائي برقم : (٥٠١١) ٨ / ١١٢ كتاب الإيمان.
في بعض نسخ مسلم مكدوش ، وهو من الكدش بمعنى الخدش ، ومكدوس من الكدس وهو إسراع الثقل في السير ، فيجوز أن يكون منه ، كأنه مثقل بذنوبه. جامع الأصول ١٠ / ٤٥٥.