وروى الطبراني من حديث ابن مسعود موقوفا قال : «يوضع الصراط على سواء جهنم مثل حد السيف المرهف» (١).
وفي الصحيحين وغيرهما وصف الصراط بأنه «دحض مزلة» ، و «الدحض» بسكون الحاء المهملة : الزلق ، و «المزلة» هو المكان الذي لا تثبت عليه القدم إلا زلّت (٢).
(يرده كل الخلائق و) ورود الصراط (هو ورود النار لكل أحد المذكور في قوله تعالى : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) (سورة مريم : ٧١)) بذلك فسر الآية ابن مسعود والحسن وقتادة (ثم قال) تعالى : ((ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا) (سورة مريم : ٧٢) ، أي (٣) : يسقطون) وفسر بعضهم الورود بالدخول ، لقول جابر رضي الله عنه لما سئل عن الورود : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الورود الدخول ، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها ، فتكون على المؤمنين بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم ، حتى إن للنار ـ أو قال لجهنم ـ لضجيجا من بردها ، ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين» (٤) ، رواه أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى والنسائي في «الكنى» والبيهقي ، واقتصر المنذري على عزوه لأحمد والبيهقي ، وقال في إسناد أحمد : رواته ثقات ، وفي إسناد البيهقي إنه حسن.
(و) قد (وردت به) أي : الصراط (الأخبار كثيرا) وقدمنا بعضها (قال تعالى) خطابا للملائكة : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وَما كانُوا يَعْبُدُونَ (٢٢) مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) (سورة الصافات : ٢٣)).
(وكثير من المعتزلة ينكرونه) أي : الصراط ، كعبد الجبار والجبائي وابنه في إحدى الروايتين عنهما وغيرهم ، (ويحملون الآية : على طريق جهنم ،) وإنكارهم إياه (لما فيه من تعذيب الصلحاء (٥) ، و) الحال أنه (لا عذاب عليهم).
__________________
(١) الحديث أخرجه مسلم في كتاب الإيمان ، باب معرفة طريق الرؤية ، رقم ١٨٢.
(٢) انظر : مختار الصحاح ، ص ١٩٩ وص ٢٧٤.
(٣) ليست في (م).
(٤) تقدم تخريج الحديث ، وهو حديث «ثم يضرب الجسر على جهنم». ودحض مزلة ، أي : فوق جهنم من خسر زل في قعرها.
(٥) تعذيب الصلحاء : المستحقين للثواب عند المعتزلة قبيح عقلا ، بناء على مبدأ الوعد والوعيد ، الوعد بثواب المؤمنين ، والوعيد بتعذيب الكافرين ، فلا يصح عندهم عقلا تعريض المؤمنين