والولدان والطير) وهذا رد لقولهم المحكى عنهم فيما مر أن خلقها قبل يوم الجزاء عبث لا فائدة فيه.
(وقد ذهب بعض أهل السنة كأبي حنيفة (١) إلى أن الحور) العين (لا يمتن) وأنهن ممن استثنى الله تعالى بقوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ) (سورة الزمر : ٦٨) ويشهد له ما رواه الترمذي والبيهقي من حديث علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن في الجنة لمجتمعا للحور العين يرفعن بأصوات لم تسمع الخلائق بمثلها يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد» (٢) الحديث ، وروى نحوه أبو نعيم في صفة الجنة من حديث ابن أبي أوفى.
(فهذه فائدة ترجع إلى غيره تعالى ، على أن نفي الفائدة في تعقلك) أي : أيّها الزاعم أن لا فائدة في خلق الجنة والنار الآن (لا ينفي وجود الحكمة) في نفس الأمر ، (وإن لم تحط) أنت (بها) علما وهو سبحانه ((لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) (سورة الأنبياء : ٢٣)).
__________________
(١) انظر : الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة مع شرحه للملا علي القاري الحنفي ، ص ١٤٦.
(٢) تتمته : «... ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان وكنا له» الترمذي برقم : (٢٥٦٧) وإسناده ضعيف ، وقال الترمذي : وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سعيد وأنس ، وذكرها المنذري في الترغيب والترهيب ، في فضل غناء الحور العين ، قال الأرناءوط : يمكن أن يرتقي بها ، ولذلك قال الترمذي : وفي باب ... حاشية جامع الأصول ١٠ / ٥٠٩.