(وأما الثاني :) وهو تقدير عدم النص على أبي بكر ، أي تعيينه للإمامة (ففي إجماع الصحابة) رضي الله عنهم على إمامته (غنى) عن النص ، (إذ هو) أي : الإجماع (في ثبوت مقتضاه) وهو الأمر الذي أجمع عليه (أقوى من خبر الواحد) في ثبوت ما تضمنه ، (وقد أجمعوا عليه) أي : على إمامته ، (غير أن عليا والعباس وبعضا) كالزبير والمقداد (لم يبايعوا في ذلك الوقت) الذي عقدت فيه البيعة ، (فأرسل) أبو بكر رضي الله عنه (إليهم) بعد ذلك (فجاءوا فقال :) لمن حضر من الصحابة (هذا علي بن أبي طالب ولا بيعة لي في عنقه ، وهو بالخيار في أمره ، ((١) ألا فأنتم بالخيار جميعا في بيعتكم إياي (١)) ، فإن رأيتم لها غيري فأنا أول من يبايعه ، فقال علي رضي الله عنه : لا نرى لها أحدا غيرك ، فبايعه هو وسائر المتخلفين (٢)) فتم بذلك إجماع الصحابة على بيعته.
وقد ذكر موسى بن عقبة في «مغازيه» أن عليا والزبير رضي الله عنهما قالا : ما غضبنا إلا لأنا أخّرنا عن المشورة ، وإنا لنرى أن أبا بكر أحق الناس بها بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإنه لصاحب الغار وثاني اثنين ، وإنا لنعرف له شرفه وسنه ، ولقد أمره رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يصلي بالناس وهو حي» انتهى ما نقله ابن عقبة (٣).
وتخلف علي رضي الله عنه ومن تخلف عن البيعة ثم مبايعتهم ليس قادحا في الإجماع (وغاية الأمر أنه راجع رأيه فظهر له الحق فبايعه) ومن تخلف معه كذلك رضي الله عنهم أجمعين.
__________________
(١) ليست في (م).
(٢) بيعة علي لأبي بكر ذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام (وفيات ١١ ـ ٤٠) ، ص ١٣ ، وانظر : كنز العمال ، ٥ / ٦٥٦ ، ومجمع الزوائد ، ٥ / ١٨٣.
(٣) المغازي ، لموسى بن عقبة ، كتاب جمع فيه مغازي الرسول صلىاللهعليهوسلم وهو مفقود ، وقد ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون ، ٢ / ١٧٤٧.