الثلاثة) و «الخلق» عام أريد به خاص ، وهو من عدا النبيين كما لا يخفى ، وينبه عليه قوله : «بعد الثلاثة».
وفي الاستدلال بعد هذا بحث من وجهين :
أحدهما : أنه لا يلزم من مجرد إجماعهم على تقديمه في عقد الإمامة أن يكون أفضل الخلق ، لجواز عقد الإمامة للمفضول مع وجود الفاضل لمصلحة تقتضيه.
الثاني : أنه لا يلزم من كونه أفضل من بحضرته كونه أفضل الخلق ممن بحضرته ومن غاب عنه أو تقدمت وفاته على الإجماع المذكور ، كأبي عبيدة بن الجراح ، وحمزة ، والعباس ، وفاطمة ، نعم إذا ضم إلى ذلك الإجماع على أنه أفضل ممن عدا الثلاثة من الخلق ثبت ذلك ، وثبت أفضلية الثلاثة عليه بأدلة السمع.
(هذا) كما ذكرنا (واعتقاد أهل السنة) والجماعة (تزكية جميع الصحابة) رضي الله عنهم وجوبا ، بإثبات العدالة لكل منهم ، والكف عن الطعن فيهم ، (والثناء عليهم كما أثنى الله سبحانه وتعالى (١) عليهم ، إذ قال : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) (سورة آل عمران : ١١)) وقال تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) (سورة البقرة : ١٤٣) ، «وسطا» أي : عدولا خيارا ، والصحابة ((٢) رضي الله عنهم (٢)) هم المشافهون بهذا الخطاب على لسان النبي صلىاللهعليهوسلم حقيقة ، وقال تعالى : (يَوْمَ لا يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (سورة التحريم : ٨) ، وقال تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً) (سورة الفتح : ٢٩) ، وقال تعالى : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) (سورة الفتح : ١٨).
(وكذا) أي : وكثناء الله تعالى عليهم أثنى عليهم (رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، روي عنه) صلىاللهعليهوسلم أنه قال : («أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم») رواه الدارمي وابن عدي وغيرهما (٣).
__________________
(١) ليست في (ط).
(٢) سقط من (ط).
(٣) الحديث أخرجه ابن عدي في الكامل ، ٢ / ٧٨٥ ، وفي سنده حمزة بن أبي حمزة قيل فيه : كل ما يرويه أو عامته مناكير موضوعة. وقد ذكر الألباني أنه حديث موضوع. في سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، ١ / ٧٨.