الكوفة ، وجمع من البصرة ، قدموا كلهم المدينة ، وجرى منهم ما جرى ، بل قد ورد إنهم هم وعشائرهم نحو من عشرة آلاف ، فهذا هو الحامل لعلي رضي الله عنه على الكف عن التسليم.
(أو) أمر آخر وهو (أنه) يعني عليا رضي الله عنه (رأى أنهم) أي : قتلة عثمان رضي الله عنه (بغاة) جمع باغ ، (أتوا ما أتوا) من القتل (عن تأويل فاسد ، استحلوا به دم عثمان) رضي الله عنه (لإنكارهم عليه أمورا ، ظنوا أنها مبيحة لما فعلوه خطأ وجهلا) منهم ، كجعله مروان بن الحكم ابن عمه كاتبا له ، ورده إلى المدينة بعد أن طرده النبي صلىاللهعليهوسلم منها ، وتقديمه أقاربه في ولاية الأعمال ، (والباغي إذا انقاد إلى الإمام العدل لا يؤخذ بما أتلف عن تأويل ، من دم كما هو رأى أبي حنيفة) رضي الله عنه (وغيره ،) وهو المرجح من قول الشافعي ، لكن فيما أتلفوه في حال القتال بسبب القتال دون ما أتلفوه لا في القتال أو في القتال لا بسببه فإنهم ضامنون له ، فهذان توجيهان لما ذهب إليه علي رضي الله عنه ، (والأوجه) منهما (هو الأول لذهاب كثير) من العلماء رحمهمالله تعالى (إلى أن قتلة عثمان لم يكونوا بغاة بل) هم (ظلمة وعتاة لعدم الاعتداد بشبهتهم ، ولأنهم أصروا) على الباطل (بعد كشف الشبهة) وإيضاح الحق لهم ، (فليس كل من انتحل شبهة صار مجتهدا) إذ الشبهة تعرض القاصر عن درجة الاجتهاد ، وهذا لا يتمشى على مذهب الإمام الشافعي من (١) أن من لهم شوكة دون تأويل حكمهم حكم البغاة في عدم الضمان ، على التفصيل السابق ، نعم لم يكن قتل السيد عثمان ((٢) رضي الله عنه (٢)) في قتال ، فإنه لم يقاتل بل نهى عن القتال ، فإنه قال لما همّ أبو هريرة بالقتال : عزمت عليك يا أبا هريرة ألا رميت بسيفك ، فإنما تراد نفسي وسأقي المسلمين بنفسي» رواه أبو سعيد المقبري عن أبي هريرة ، كما ذكره صاحب «الاستيعاب» (٣).
(هذا) كما ذكرنا لك (و) اعلم أنه قد (اتفق أهل الحق) وهم أهل السنة والجماعة (٤) رضي الله عنهم (على أن معاوية أيام) خلافة (علي) رضي الله عنه
__________________
(١) ليست في (م).
(٢) سقط من (ط).
(٣) وهو ابن عبد البر القرطبي. انظر : الاستيعاب في معرفة الأصحاب ، ٣ / ١٠٤٦.
(٤) عادة يقصد المؤلف والشارح بأهل السنة والجماعة ، الماتريدية والأشاعرة وأهل الحديث أو الحنابلة.