من انعقدت له البيعة من أكثر الخلق» جريا على ما هو العادة الغالبة ، فلا مفهوم له. وبالله التوفيق.
(ويثبت عقد الإمامة) بأحد أمرين : (إما باستخلاف الخليفة إياه) كما فعل أبو بكر الصديق رضي الله عنه حيث استخلف عمر رضي الله عنه ، وإجماع الصحابة على خلافته بذلك إجماع على صحة الاستخلاف (وإما ببيعة) من تعتبر بيعته من أهل الحل والعقد ، ولا يشترط بيعة جميعهم ولا عدد محدود ، بل يكفي بيعة (جماعة من العلماء ، أو) جماعة (من أهل الرأي والتدبير).
(وعند) الشيخ (أبي الحسن الأشعري) رحمهالله (يكفي الواحد من العلماء المشهورين من أهل الرأي) فإذا بايع انعقدت (١) ، فقد قال عمر لأبي عبيدة : «ابسط يدك أبايعك» ، فقال : «أتقول هذا وأبو بكر حاضر؟» ، فبايع أبا بكر رضي الله تعالى عنهم (٢) ، ولم يتوقف أبو بكر إلى انتشار الأخبار في الأقطار ولم ينكر عليه. وبايع عبد الرحمن بن عوف عثمان فتبعه بقية أهل الشورى وغيرهم (٣).
وإنما يكتفى بالواحد الموصوف بما مر (بشرط كونه) أي : عقد البيعة منه (بمشهد شهود) أي : بحضورهم (لدفع الإنكار) أي : إنكار الانعقاد (إن وقع) بأن ينكر العاقد وقوعه أو بأن ينكر إنسان آخر انعقاده ، ويدعي أنه عقد لغيره سرا عقدا متقدما على هذا العقد. وبهذا الثاني خاصة صور صاحبا «المقاصد» و «المواقف» الإنكار (٤).
(وشرط المعتزلة خمسة) كل منهم أهل للإمامة أخذا من جعل عمر الأمر شورى بين ستة ، يبايع الخمسة منهم السادس.
(وذكر بعض الحنفية اشتراط) مبايعة (جماعة دون عدد مخصوص) فلم يكتف بالواحد.
__________________
(١) قارن مع التمهيد ، ص ١٨٧ ، وغاية المرام للآمدي ، ص ٣٨١.
(٢) حديث بيعة أبي بكر أخرجه البخاري في صحيحه ، برقم ٢٩١ ، وأحمد في مسنده ١ / ٥٥ ، وابن هشام في السيرة ٤ / ٢٦١ ، ٢٦٢ برواية ابن إسحاق.
(٣) حديث بيعة عبد الرحمن بن عوف لعثمان أخرجه البخاري في التاريخ الصغير ، ١ / ٥٠. وانظر : تاريخ الخلفاء ، للسيوطي ، ص ١٥٣. وتاريخ الإسلام للذهبي ، وفيات (١١ ـ ٤٠) ص ٣٠٣.
(٤) انظر : شرح المقاصد ، ٥ / ٢٥٣ ، والمواقف ، ص ٤٠٠.