أن أبا بكر أفضل ، ثم عمر ، وتتعارض الظنون في عثمان وعلي» (١) اه ، وهو ميل منه إلى أن الحكم في التفضيل ظني ، وإليه ذهب القاضي أبو بكر ، لكنه خلاف ما مال إليه الأشعري ، وخلاف ما يقتضيه قول مالك السابق : «أو في ذلك شك؟».
(وجزم آخرون) هم أهل الكوفة ، ومنهم سفيان الثوري (بتفضيل علي) على عثمان ، (والأكثر على تفضيل عثمان) كما حكاه عنهم الخطابي وغيره ، وإليه ذهب الشافعي وأحمد وهو مشهور عن مالك ، (فعلم) من جعل الأمر على التخيير بين ولاية مفضول وفاضل.
ومن القول بالتوقف والقول بتفضيل علي (أن الأفضلية مطلقا ليست إلا شرط الكمال) في من يتولى الإمامة ، لا شرطا لصحة ولايتها ، والتعبير بشرط الكمال إنما هو متعارف للحنفية لا للأشعرية.
(ولا يولى) الإمامة (أكثر من واحد) لقوله صلىاللهعليهوسلم : «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري (٢).
والأمر بقتله محمول كما صرح به العلماء على ما إذا لم يندفع إلا بالقتل ، فإنه إذا أصرّ على الخلاف كان باغيا ، فإذا لم يندفع إلا بالقتل قتل.
والمعنى في امتناع تعدد الإمام أنه مناف لمقصود الإمامة من اتحاد كلمة أهل الإسلام واندفاع الفتن ، وإن التعدد يقتضي لزوم امتثال أحكام متضادة.
(قال الحجة) حجة الإسلام الغزالي : («فإن ولي عدد موصوفون) وعبارة الحجة وإذا اجتمع عدة من الموصوفين (بهذه الصفات ، فالإمام من انعقدت له البيعة من الأكثر) وعبارته من أكثر الخلق ، (والمخالف) للأكثر (باغ ، يجب رده إلى الانقياد إلى الحق» (٣). اه).
(وكلام غيره من أهل السنة) مقتضاه (اعتبار السبق فقط) فإذا بايع الأقل ذا أهلية أولا ، ثم بايع الأكثر غيره (فالثاني يجب رده) والإمام هو الأول ، ويمكن تأويل كلام الحجة على ما يوافق كلام غيره من أهل السنة ، بأن يراد باجتماع العدة اجتماعهم في الوجود لا في عقد الولاية لكل منهم ، ويكون قوله : «فالإمام
__________________
(١) الإرشاد ، ص ٤٣١.
(٢) الحديث عند مسلم في كتاب الإمارة ، باب إذا بويع لخليفتين ، رقم ١٨٥٣.
(٣) إحياء علوم الدين ، ١ / ١٧٠.