أمية (كانوا ملوكا) تغلبوا على الأمر ، (والمتغلب تصح منه هذه الأمور) أي : ولاية القضاء والإمارة والحكم بالاستفتاء ونحوها (للضرورة ، وليس من شرط صحة الصلاة خلف إمام عدالته) فقد روى أبو داود من حديث أبي هريرة يرفعه : «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر» (١).
(وصار) الحال عند التغلب (كما لم يوجد قرشي عدل ، أو وجد) قرشي عدل (ولم يقدر) أي : لم توجد قدرة (على توليته لغلبة الجورة) على الأمر ، إذ يحكم في كل من الصورتين بصحة ولاية من ليس بقرشي ومن ليس بعدل للضرورة ، وإلا لتعطل أمر الأمة في فصل الخصومات ، ونكاح من لا ولي لها ، وجهاد الكفار ، وغير ذلك.
(وإذا وجدت الشروط في جماعة) بحيث يصلح كل منهم للإمامة (فالأولى) بالولاية (أفضلهم ، فإن ولي المفضول مع وجوده) أي : الأفضل (صحت الإمامة ؛ لأن عمر رضي الله عنه) لما حضرته الوفاة (جعل الأمر شورى في الستة) عثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم ، (أي يولى) الإمامة (أيهم ، ولم يكونوا سواء في الفضل ، للاتفاق على أن عليا وعثمان أفضل من الأربعة الآخرين).
(واختلف أهل السنة بين علي وعثمان ، فتوقف بعضهم) وروى التوقف عن الإمام مالك ، حكى أبو عبد الله المازري عن «المدونة» أن مالكا رحمهالله سئل : «أي الناس أفضل بعد نبيهم؟ فقال : أبو بكر ، ثم قال : أو في ذلك شك؟ قيل له : فعلي وعثمان؟ قال : «ما أدركت أحدا ممن اقتدي به يفضل أحدهما على صاحبه» (٢).
وحكى القاضي عياض قولا أن مالكا رجع عن الوقف إلى تفضيل عثمان ، قال القرطبي : وهو الأصح إن شاء الله تعالى (٣).
وقد مال إلى التوقف بينهما أيضا إمام الحرمين ، فقال : «الغالب على الظن
__________________
(١) الحديث أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد ، باب في الغزو مع أئمة الجور ، رقم ٢٥٣٣.
(٢) الرواية منقولة عن عبد الرحمن بن القاسم عن مالك ، انظر : ترتيب المدارك ، ١ / ١٧٥.
(٣) انظر : ترتيب المدارك ، ١ / ١٧٤