فيها من إجازة ، وعبارته : ممن ذهب إلى أنه ـ يعني الإيمان مخلوق ـ حارث المحاسبي (١) وجعفر بن حرب (٢) وعبد الله بن كلاب (٣) وعبد العزيز المكي (٤) وغيرهم من أهل النظر.
ثم قال (٥) : وذكر عن أحمد بن حنبل وجماعة من أهل الحديث أنهم يقولون : إن الإيمان غير مخلوق (٦).
الأمر الثاني : أن الأشعري مال إلى أن الإيمان غير مخلوق ، ووجهه بما حاصله : أن إطلاق الإيمان في قول من قال : إن الإيمان غير (٧) مخلوق ينطبق على الإيمان الذي هو من صفات الله تعالى ؛ لأن من أسمائه الحسنى «المؤمن» ، كما نطق به الكتاب العزيز ، وإيمانه : هو تصديقه تعالى في الأزل بكلامه القديم إخباره الأزلي بوحدانيته ، كما دل عليه قوله (٨) : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) (سورة طه : ١٤) ، ولا يقال : إن تصديقه تعالى محدث ولا مخلوق ، تعالى أن يقوم به حادث.
الأمر الثالث : أنه لا يتحقق في هذه المسألة عن التأمل محل خلاف ؛ لأن الكلام إن كان في الإيمان المكلف به فهو فعل قلبي يكتسب بمباشرة أسباب يحصّله للمخلوق ، فلا يتجه خلاف في كونه مخلوقا.
وإن أريد الإيمان الذي دل عليه اسمه تعالى «المؤمن» فهو من صفاته تعالى بمعنى أنه المصدق لإخباره بوحدانيته في قوله : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ)
__________________
(١) الحارث المحاسبي : أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي ، من الصوفية ، كان عالما بالأصول والمعاملات وواعظا مؤثرا ، له تصانيف في الزهد والرد على المعتزلة ، توفي سنة ٢٣٤ ه (حلية الأولياء ، ١٠ / ٧٣)
(٢) جعفر بن حرب : المعتزلي ، يكنى أبا الفضل ، له كتب كثيرة في علم الكلام ، اعتزل الناس في آخر عمره وترك الكلام في المسائل الدقيقة وأقبل على الواضحة ، وصنف كتبا مثل «الإيضاح ونصيحة العامة. (طبقات المعتزلة ، لابن المرتضى ص ٧٣).
(٣) عبد الله بن كلاب : عبد الله بن سعيد القطان ، أبو محمد ، المعروف بابن كلاب ، مات بعد سنة ٢٤٠ ه بقليل. (انظر : الطبقات الكبرى للسبكي ٢ / ٥١).
(٤) عبد العزيز المكي : هو عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز الكناني المكي ، صاحب كتاب الحيدة ، فقيه ومتكلم ، روى عن سفيان بن عيينة وتفقه عند الشافعي ، وله كتاب آخر : «الحيرة». توفي سنة ٢٤٠ ه. (معجم المؤلفين ، ٢ / ١٧١)
(٥) ليست في (م).
(٦) انظر : الإبانة في أصول الديانة ، للأشعري ، ص ٣٣ ـ ٤٠.
(٧) ليست في (م).
(٨) في (ط) : تعالى.