المصاحب للمتطهر ، وينهى عنها أخرى ؛ كما في حالتي الجنابة والحيض ، (والمقروء) بالألسنة (المكتوب في المصاحف ، المسموع) بالأسماع ، (المحفوظ في الصدور قديم ، وهذا) الذي قاله أهل السنة من أنه محفوظ في الصدور (يقتضي قيامه) أي : المعنى القديم (بنفس الإنسان ، لأن المحفوظ مودع في القلب) الذي هو محل الفهم والتعقل.
(فالجواب : أنه) أي : هذا الذي قاله أهل السنة (ظاهر فيما ذكرت) أيها السائل من القيام المعنى القديم بنفس الإنسان (غير أنهم) لم يريدوا هذا الظاهر ، بل (تساهلوا في) هذا (اللفظ) الذي عبروا به (وصرحوا بتساهلهم) أي : بما يدل على تساهلهم (حيث أعقبوا هذا الكلام) الذي ذكروه أي : أتوا عقبه (بقولهم : ليس) المقروء المكتوب المسموع المحفوظ (حالّا في لسان ولا) في (قلب ولا (١) مصحف ؛ لأن المراد به) أي : بقولهم : «المقروء» (المعلوم بالقراءة ،) وبقولهم : «المكتوب في المصاحف» (المفهوم من الخط ، و) بقولهم : «المسموع» المفهوم من (الألفاظ المسموعة ، وهذا) أي : قولهم : «ليس حالا في لسان ولا قلب ولا مصحف» (تصريح) منهم (بأن) المعنى : (المعلوم) المفهوم (ليس حالا في القلب وإنما الحال فيه نفس فهمه و) نفس (العلم به ، أما ما هو متعلق العلم والفهم فليس حالا فيه ، و) متعلق العلم والفهم (هو القديم ، بل) قد (نقل بعضهم) أي : بعض أهل السنة (٢) (أنهم منعوا من) إطلاق (القول بحلول كلامه) تعالى (في لسان أو قلب أو مصحف (وإن أريد به) حال إطلاقه الكلام (اللفظي رعاية للأدب) لئلا يسبق إلى الوهم إرادة (٣) النفسي القديم. وبالله التوفيق. هذا حل كلام المصنف.
ويتعلق بالمسألة بعد ذلك أمور :
الأول : أن قول : «المشايخ الحنفية خلاف ... الخ» يؤذن بأن الخلاف في المسألة غير معروف لغير الحنفية ، وليس كذلك ، فقد حكى الأشعري الخلاف لغيرهم في مقالة مفردة أملاها في هذه المسألة ، ورويناها عنه بطريق متصلة إليه بما
__________________
(١) في (ط) : في.
(٢) وممّن نقل المنع الغزالي ، وابن تيمية ، والآمدي ، وابن رشد من الفلاسفة المتوسطين. (انظر : الاقتصاد ، ص ٧٣ ، ونهاية الإقدام في علم الكلام ، للشهرستاني ، ص ٣٠٩ ، وغاية المرام للآمدي ، ص ١١١).
(٣) في (ط) : الكلام.