والمعرفة (إلى أن يقصد صاحب التصديق والمعرفة إلى إبطالهما باكتساب ما) أي : باكتساب أمر (حكم الشرع بمنافاته) لهما ، على ما عرفته فيما سبق ، (فيرتفع) ((١) بهذا الاكتساب (ذلك الحكم) الذي حكم الشرع ببقائه (١)).
(خلافا للمعتزلة في قولهم : إن النوم والموت يضادان المعرفة) أي : فلا يوصف النائم ولا الميت بأنه مؤمن (٢).
وفي عبارة المصنف هنا نظر من وجهين :
أحدهما : أنه جعل خلاف المعتزلة في أن النوم والموت يضادان المعرفة ، وقد تقدم عن غيرهم وهم أهل السنة مثل ذلك (٣) ، فلم يتحصل من كلامه ما هو محل خلاف.
الثاني : أن ما اقتضاه كلامه من أن المعتزلة قائلون بسلب الإيمان عن النائم والميت مخالف لما في «المواقف» و «شرحه» (٤) عنهم ، وهو أنهم إنما أوردوا ذلك إلزاما لمن قال : إن الإيمان هو التصديق فقط ، مع دعواهم الإجماع على وصف النائم ونحوه بالإيمان.
وعبارة «المواقف» عنهم أنهم قالوا : لو كان الإيمان هو التصديق لما كان المرء مؤمنا حين لا يكون مصدقا ، كالنائم حال نومه ، والغافل حين غفلته ، وإنه خلاف الإجماع. ثم ذكر في «المواقف» جواب أهل السنة عن ذلك بقوله : قلنا : المؤمن من آمن في الحال أو في الماضي ؛ لا لأنه حقيقة فيه ، بل لأن الشارع يعطي الحكمي حكم المحقق ، وإلا ـ أي : وإن لم يكن الأمر كما ذكرناه ـ ورد عليهم ـ أي : على المعتزلة ـ مثله في الأعمال ـ أي : لأنها عندهم من الإيمان ـ والغافل والنائم ليسا في الأعمال المعتبرة في الإيمان ، فلا يكونان مؤمنين ، ولا مخلص لهم إلا بأن الحكمي كالمحقق (٥). انتهى.
وقد استدل المصنف بقياس وصف الإيمان على وصف النبوة فقال : (وإذا قلنا : إن النبوة من الإنباء ، والنبي) بهمز ودونه (معناه المنبئ عن الله تعالى) وهو
__________________
(١) في (م) : ذلك الحكم بالإيمان بذلك الاكتساب.
(٢) انظر : شرح المواقف ، ٨ / ٣٢٨.
(٣) انظر : الصفحة نفسها.
(٤) انظر : المواقف ، ص ٣٨٧ ، وشرح المواقف ، ٨ / ٣٢٨.
(٥) المواقف ، ص ٣٨٧ ، مع عدم وجود العبارة الأخيرة : «والغافل والنائم ليسا ...» في النسخة المعتمدة عندنا.