(لا ضد له ولا مشابه) في ذات (١) ولا في فعل (ولا حد) له سبحانه ، لا بمعنى المعرف المحتوي على أجزاء الماهية ، ولا بمعنى النهاية ، فعلى الأول عطف قوله : (ولا نهاية) عطف مباين ، وعلى الثاني : عطف تفسير ، وعلى إرادة المعنيين معا : عطف خاص على عام ، (ولا صورة) لأن المعرف من صفات المركبات ، والنهاية والصورة من صفات الأجسام ، وقد ثبت فيما مر أنه تعالى واحد منزه عن الجسمية وصفاتها ، (يستحيل عليه) سبحانه (سمات (٢) النقص ؛ كالجهل والكذب) بل يستحيل عليه كل صفة لا كمال فيها ولا نقص ، لأن كلّا من صفات الإله صفة كمال.
(ليس بجوهر ولا عرض ولا في جهة ولا على مكان) وقد مر هذا التنزيه مع أدلته أول الكتاب.
(لا يكون) في ملكوته تعالى (إلا ما يشاء) من خير وشر ، ونفع وضر ، وربح وخسر ، بل لا تقع لمحة ناظر ولا فلتة خاطر إلا بإرادته تعالى (لا يحتاج) سبحانه (إلى شيء) هو الغني مطلقا ، قال الله تعالى : (وَاللهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ) (سورة محمد : ٣٨) ، فكل موجود فقير إليه تعالى في وجوده وبقائه وسائر ما يمده به.
(وإنه) تعالى (حليم) باللام ، ويناسبه ما بعده ، أو «حكيم» بالكاف كما وصف به نفسه في كتابه العزيز متكررا ، خلق ما خلق على وفق الحكمة يتضمن مصالح دنيوية أو دينية ، وأمر بما أمر على وفق الحكمة كذلك ، ونهي عما نهى عنه كذلك ، (عفوه) يمحو أثر العصيان ويكفره بالإحسان ، (غفور لكبائر من شاء ممن مات مصرّا على الكبائر) خلافا للمعتزلة ، وأصل «الغفر» لغة : الستر ، والمراد به هنا : ستر ما ليس ظهوره من العبد محمودا ، والغفران (بشفاعة من شاء) تعالى أن يشفع (من نبي أو ولي أو لا بشفاعة) بل برحمته تعالى ، (إلا الكفر فأهله مخلدون في النار) قال الله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) (سورة النساء : ٤٨).
(والمؤمنون مخلدون في الجنة) بعد دخولهم إياها (ابتداء) من غير عذاب يسبق ، (أو في عاقبة أمرهم إن أدخلوا النار بجرائمهم) فإنهم يخرجون منها ويدخلون الجنة كما نطقت به الأحاديث المتواترة المعنى.
__________________
(١) في (ط) : ولا صفة.
(٢) في (م) : صفات.