أرجل النملة) على الأجسام اللينة ، (وكلام النفس) فإنه تعالى يسمع كلا منهما.
(وبصره) بالرفع عطفا كما مر (يقلبها تعالى رب العالمين عن ذلك) أي : عن الصماخ والحدقة ونحوها من صفات المخلوقين (لكل موجود) متعلق بقوله : «وبصره» فهو متعلق بكل موجود قديم أو حادث جليل أو دقيق ، (كأرجل النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليلة الظلماء ، ولخفايا السرائر).
(متكلم) بالرفع (١) خبر ثالث ؛ لـ «إن» ، أي : إنه تعالى واحد منفرد بما ذكر ، متكلم. ويصح كونه خبر مبتدأ محذوف أي : هو متكلم (بكلام قائم بنفسه أزلا وأبدا ، ينافي السكوت والآفة) والمراد : أن كلامه تعالى منزه عما يعتري الكلام النفسي الذي هو صفة للمخلوق من الآفة المسماة بالخرس الباطن ، وهو عدم اقتداره على إدارة الكلام في النفس ، ومن السكوت الباطن الذي هو ترك الإدارة مع القدرة عليها ، (ليس بصوت ولا حرف) لأن الحروف والأصوات أعراض حادثة وهو سبحانه (لا تقوم الحوادث به) لأنه لو جاز قيام الحوادث به لزم عدم خلوه عن الحادث لاتصافه قبل ذلك الحادث بضده الحادث لزواله وبقابليته هو (فلا يصح عليه حركة ولا سكون) لأنهما من صفات الأجسام ، وأنه تعالى منزه عن الجسمية كما مر أول الكتاب ، (ولا يحلّ) تعالى (في شيء) لا بذاته ولا صفاته ، أما ذاته فلأن الحلول هو الحصول في الحيز تبعا ، وقد مر أول الكتاب تنزيهه تعالى عن التحيز ، ولأن الحلول ينافي الوجوب الذاتي لافتقار الحال إلى المحل ، وأما صفاته فلأن الانتقال من صفات الذوات بل الأجسام.
(ليست صفاته من قبيل الأعراض) لأن الأعراض حادثة وهو تعالى منزه عن قيام الحوادث بذاته ، (ولا عينه ولا غيره) أي : وليست صفاته عين ذاته ولا غير ذاته ، أمّا أنها ليست عين الذات فظاهر ، وأما أنها ليست غير الذات فالمراد بالغيرين هنا ما ينفك أحدهما عن الآخر فيوجد عند عدمه.
(أحدث) سبحانه (العالم باختياره) خلافا للفلاسفة في قولهم بالإيجاب الذاتي (من غير غرض) له تعالى في إحداثه ، (هو) أي : ذلك الغرض (استكمال) أي : طلب حصول كمال (زائد على ما كان قبل إحداثه ، لا يتجدد له) بإيجاد ما يوجد ، ولا ما أوجده من العالم (اسم ولا صفة) بل لم يزل سبحانه بأسمائه وصفات ذاته.
__________________
(١) ليست في (م).