وقوله : «كل» مبتدأ مؤخر ، وتقديم الخبر للحصر ، أي : على نحو ما ذكرنا لا على غيره.
وقوله : «يجب الإيمان به» استئناف لبيان ((١) ذلك النحو الذي تجري عليه الألفاظ المذكورة ، كأنه قيل : ما النحو الذي تجري عليه الألفاظ المذكورة؟ فأجيب : بأنه نحو وجوب الإيمان بها ، وهو كون الإيمان مصحوبا بالتنزيه عما لا يليق دون تأويل إلا عند الحاجة إليه لفهم العامة.
كما يوضح ذلك قوله : (١)) (فإن اليد وكذا الأصبع وغيره) كالنزول ، يقال في كل منها (صفة له تعالى لا بمعنى الجارحة ، بل على وجه يليق به ، وهو سبحانه أعلم به ، وقد تؤول اليد والأصبع) في بعض المواضع ((٢) عند الحاجة (٢)) (بالقدرة والقهر) كقوله تعالى : (فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ) (سورة يس : ٨٣) أي : هو قادر على كل شيء ، وكل شيء تحت قهره.
ويؤول الحديثان السابقان في اليد وفي الأصبع بأنهما من باب التمثيل المذكور في علم البيان :
فيؤول الأول بأنه تعالى يقبل التوبة بالليل والنهار إلى طلوع الشمس من مغربها ، فلا يردّ تائبا ، كما يبسط الواحد من عباده يده للعطاء أي : لأخذه فلا يردّ معطيا.
ويؤول الثاني بأن قلوب العباد كلها بالنسبة إلى قدرته تعالى شيء يسير يصرفه كيف شاء ، كما يقلب الواحد من عباده الشيء اليسير بين إصبعين من أصابعه.
ويؤول القدم بمعنى المتقدم ، أي : خلق يقدّمون للنار يخلقهم الله في الآخرة لذلك. وتؤول العين بالبصر. والنزول بنزول أمره تعالى ... وغيره مما بسطه في «الاقتصاد» (٣).
(واليمين في قوله صلىاللهعليهوسلم : «الحجر) أي : الأسود (يمين الله في الأرض» (٤) على
__________________
(١) في (م) : استئناف لبيان إجراء الألفاظ المذكورة على نحو ما ذكره ، وجوب الإيمان به مع التنزيه عما لا يليق.
(٢) سقط من (م).
(٣) انظر : الاقتصاد في الاعتقاد ، ص ٨٤ ـ ٩١.
(٤) الحديث بهذا اللفظ أخرجه ابن حبان الأنصاري في «طبقات المحدثين بأصبهان» ، ٢ / ٣٦٦ وتمام الحديث : «الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده». رواه جابر.