عن أبي هريرة رضي الله عنه أن الناس قالوا : يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «هل تضارّون في القمر ليلة البدر؟» قالوا : لا يا رسول الله ، قال : «فهل تضارّون في الشمس ليس دونها سحاب؟» قالوا : لا يا رسول الله ، قال : «فإنكم ترونه كذلك ... الحديث» (١).
وقوله : «تضارّون» بضم التاء ، والراء مشددة من الضرار ، ومخففة من الضير. و «تضامون» بالميم مخففة بدل الراء كما أورده المصنف من الضيم ، وهو بمعنى الضير ، أي : هل يحصل لكم في ذلك ما تقصر معه الرؤية بحيث تشكون فيها؟
وأحاديث الرؤية متواترة معنى ، فقد وردت بطرق كثيرة عن جمع كثير من الصحابة ، ذكرنا عدة منها في حواشي «شرح العقائد» (٢).
ولم يتعرض المصنف ((٣) ولا أصله (٣)) لوقوع الرؤية في الدنيا ، والقائلون بوقوعها تمسكوا لوقوعها في الجملة برؤيته صلىاللهعليهوسلم ليلة المعراج (٤) كما ذهب إليه جمهور من تكلم في المسألة من الصحابة.
وأما الجواز مطلقا فقد استدل له المصنف كأصله نقلا بقوله (ونفس) بالجر عطفا على المجرور باللام ، ((٥) وهو قوله : «أما نقلا فلقوله» (٥)) أي : ولنفس (سؤال موسى عليهالسلام الرؤية) فإنه يدل على جوازها ، (إذ لا يسأل نبي كريم من أولي
__________________
(١) هذه رواية أبي داود والترمذي ، أبو داود برقم : (٤٧٣٠) ، والترمذي برقم : (٢٥٥٧).
(٢) انظر : الحواشي البهية ، ١ / ١٣٦.
(٣) في (م) : كأصله.
(٤) وهو مما تعارض فيه الأثر ، فعن أبي ذر الغفاري قال : سألت رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هل رأيت ربّك؟ قال : «نور أنّى أراه» رواه مسلم برقم : (١٨١) ، والترمذي برقم : (٢٥٥٥) ، وعن مسروق قال : قلت لعائشة : يا أمته هل رأى محمد ربه؟ قالت : لقد قفّ شعري مما قلت ، أين أنت من ثلاث من حدّثكهن فقد كذب ، من حدّثك أن محمدا رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)) (سورة الأنعام ١٠٣). وهو أثر رواه البخاري في تفسير سورة المائدة باب (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ) ... برقم : (٤٣٣٦) ، ومسلم برقم : (١٧٧) والترمذي برقم : (٣٠٧٠) وفي رواية قال لها : ألم يقل الله عزوجل : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) (٢٣) (سورة التكوير ٢٣) (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) (١٣) (سورة النجم ١٣) فقالت : أنا أول هذه الأمة سأل عن ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : «إنما هو جبريل ، لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين ، ورأيته منهبطا من السماء ، سادّا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض». ولهذا التعارض اختلف الصحابة حول هذا الموضوع ، والجمهور كما قال الشارح ذهبوا إلى وقوعها. ـ والله أعلم ـ
(٥) سقط من (ط).