إلى ذكره لئلا يتوهم السامع أنه غير مراد باللفظ العام ولا داخل فيه ، وللتنبيه على أن ما عداه أولى بحكمه ولغير ذلك من المقاصد ، فكان في تعيين بني إسرائيل بالذكر إزالة لوهم من توهم أنه مبعوث إلى العرب خاصة ، وقد قال تعالى : (لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ) [يس ، ٦] ، وهؤلاء قومه ولم ينف ذلك أن يكون نذيرا لغيرهم ، فلو أمكنك أن تذكر عنه أنه ادعى انه رسول إلى العرب خاصة لكان ذلك حجة ، فأما وقد نطق كتابه وعرف الخاص والعام بأنه ادعى أنه مرسل إلى بني إسرائيل وغيرهم فلا حجة لك. قال اليهودي : إن أسلافنا من اليهود كلهم على أنه ادعى ذلك ، ولكن العيسوية (١) منا تزعم أنه نبي العرب خاصة ولسنا نقول بقولهم ، ثم التفت إلى يهودي معه فقال نحن قد جرى شأننا على اليهودية ، وتالله ما أدري كيف التخلص من هذا العربي ، إلا أنه أقل ما يجب علينا أن نأخذ به أنفسنا النهي عن ذكره بسوء.
(فصل) وقال محمد بن سعد في «الطبقات» حدثنا معن بن عيسى حدثنا معاوية بن صالح ، عن أبي فروة عن ابن عباس أنه سأل كعب الأحبار : كيف تجد نعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في التوراة؟ قال : نجده «محمد بن عبد الله ، مولده بمكة ، ومهاجره إلى طابة ، ويكون ملكه بالشام ؛ ليس بفحاش ولا صخاب بالأسواق ، ولا يكافئ السيئة بالسيئة ولكن يعفو ويصفح» وقال عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي : حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا أبو الأحوص ، عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : قال كعب : نجد مكتوبا : «محمد رسول الله لا فظ ولا غليظ ، ولا صخاب بالأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ، وأمته الحمادون يكبرون الله على كل نجد ويحمدونه في كل منزلة ، يأتزرون على أنصافهم ، ويتوضئون على أطرافهم ، مناديهم ينادي في جو السماء ، صفهم في القتال وصفهم في الصلاة سواء ، لهم دوي كدوي النحل ، مولده بمكة ، ومهاجره
__________________
(١) وفي الخطبة ما يلي ينسبون إلى ابي عيسى إسحاق بن يعقوب الأصبهاني كان في خلافة المنصور يعتقد أن نبينا (ص) مبعوث إلى العرب خاصة فتبعه على ضلاله بشر كثير من اليهود وله كتاب وضعه حرم فيه الذبائح وخالف اليهود في أحكام كثيرة قاله الدميري ، قال شيخنا ورأيت عن ابن حزم أنه قال بلغني أن اسمه كان محمد بن عيسى أه تعليق.