به علم ، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من آرائنا ، ومن أدركنا ممن نرضى أو حكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا أو قول بعضهم إن تفرقوا ، وكذلك نقول ولم نخرج من أقاويلهم كلهم. وقال الشافعي : وقد أثنى الله على الصحابة في التوراة والإنجيل والقرآن وسبق لهم على لسان نبيهم صلىاللهعليهوسلم ، من الفصل ما ليس لأحد بعدهم. وقال أبو حنيفة : إذا جاء عن النبي صلىاللهعليهوسلم فعلى الرأس والعين ، وإذا جاء عن الصحابة نختار من قولهم ولم نخرج عنه. وقال ابن القاسم : سمعت مالكا يقول : لما دخل أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم الشام نظر إليهم رجل من أهل الكتاب فقال ما كان أصحاب عيسى بن مريم الذين قطعوا بالمناشير وصلبوا على الخشب بأشد اجتهادا من هؤلاء. وقد شهد لهم الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى بأنهم خير القرون على الإطلاق ، كما شهد لهم ربهم تبارك وتعالى بأنهم خير الأمم على الإطلاق.
وعلماؤهم وتلاميذهم هم الذين ملئوا الأرض علما ، فعلماء الإسلام كلهم تلاميذهم وتلاميذهم وهلم جرا ، وهؤلاء الأئمة الأربعين الذين طبق علمهم الأرض شرقا وغربا هم تلاميذ تلاميذهم ، وخيار ما عندهم ما كان عن الصحابة ، وخيار الفقه ما كان عنهم ، وأصح التفسير ما أخذ عنهم. وأما كلامهم في باب معرفة الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وقضائه وقدره ففي أعلى المراتب ، فمن وقف عليه وعرف ما قالته الأنبياء عرف أنه مشتق منه مترجم عنه ، وكل علم نافع في الأمة فهو مستنبط من كلامهم ومأخوذ عنهم ، وهؤلاء تلاميذهم وتلاميذ تلاميذهم قد طبقت تصانيفهم وفتاويهم الأرض ، فهذا مالك جمعت فتاويه في عدة أسفار ، وكذلك أبو حنيفة ، وهذه تصانيف الشافعي تقارب المائة ، وهذا الإمام أحمد بلغت فتاويه وتآليفه نحو مائة سفر ، وفتاويه عندنا في نحو عشرين سفرا ، وغالب تصانيفه بل كلها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعن الصحابة والتابعين ، وهذا علامتهم المتأخر «شيخ الإسلام ابن تيمية» جمع بعض أصحابه فتاواه في ثلاثين مجلدا ورأيتها في الديار المصرية ، وهذه تآليف أئمة الإسلام التي لا يحصيها إلا الله ، وكلهم من أولهم إلى آخرهم يقر للصحابة بالعلم والفضل ، ويعترف بأن علمه بالنسبة إلى علومهم كعلومهم بالنسبة إلى علم نبيهم.