نعمة كذا إلا بسيرك معنا» وفي السفر الرابع : «إني أصعدت هؤلاء بقدرتك فيقولان لأهل هذه الأرض الذي سمعوا منك الله فيما بين هؤلاء القوم يرونه عينا بعين وغمامك تغيم عليهم ويعود غماما يسير بين أيديهم نهارا ويعود نارا ليلا» وفي التوراة أيضا : «يقول الله لموسى إني آت إليك في غلظ الغمام لكي يسمع القوم مخاطبتي لك وفي الكتب الإلهية وكلام الأنبياء من هذا كثير ، وفيما حكى خاتم الأنبياء عن ربه تبارك وتعالى أنه قال : «ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، فبي يسمع ، وبي يبصر ، وبي يبطش ، وبي يمشي» ،
وإن قلتم جعلناه إلها لقول زكريا في نبوته (١) : «صهيون لأني آتيك وأحل فيك وأترائي ، وتؤمن بالله في ذلك اليوم الأمم الكثيرة ، ويكونون له شعبا واحدا ، ويحل هو فيهم ويعرفون أني أنا الله القوي الساكن فيك ، ويأخذ الله في ذلك اليوم الملك من يهودا ويملك عليهم إلى الأبد». قيل لكم إن أوجبتم له الإلهية بهذا فلتجب لإبراهيم وغيره من الأنبياء ، فإن عند أهل الكتاب وأنتم معهم أن الله تجلى لإبراهيم واستعلن له وترائي له. وأما قوله : «وأحل فيك» لم يرد سبحانه بهذا حلول ذاته التي لا تسعها السموات والأرض في بيت المقدس ، وكيف تحل ذاته في مكان يكون فيه مقهورا مغلوبا مع شرار الخلق؟! كيف وقد قال : «ويعرفون أني أنا الله القوي الساكن فيك»؟! افترى عرفوا قوته بالقبض عليه وشد يديه بالحبال وربطه على خشبة الصليب ودق المسامير في يديه ورجليه ووضع تاج الشوك على رأسه وهو يستغيث ولا يغاث ، وما كان المسيح يدخل بيت المقدس إلا وهو مغلوب مقهور مستخف في غالب أحواله. ولو صح مجيء هذه الألفاظ صحة لا تدفع وصحت ترجمتها كما ذكروه لكان معناها أن معرفة الله والإيمان به وذكره ودينه وشرعه حل في تلك البقعة ، وبيت المقدس لما ظهر فيه دين المسيح بعد رفعه حصل فيه من الإيمان بالله ومعرفته
__________________
(١) نسخة خطية : أخرجي يا بنت صهيون.