شهد الإنجيل واتفاق الأنبياء والرسل أن الله يوصي ملائكته بالمسيح ليحفظوه علم أن الملائكة والمسيح عبيد الله منفذون لأمره ليسوا أربابا ولا آلهة ، وقال المسيح لتلامذته : «من قبلكم فقد قبلني ، ومن قبلني فقد قبل من أرسلني» وقال المسيح لتلامذته أيضا : «من أنكرني قدام الناس انكرته قدام ملائكة الله» وقال الذي ضرب عبد رئيس الكهنة : «أغمد سيفك ولا تظن أني استطيع أن ادعوا الله الأب فيقيم لي أكثر من اثني عشر من الملائكة» فهل يقول هذا من هو رب الملائكة وإلههم وخالقهم؟!
وإن اوجبتم له الإلهية بما نقلتموه عن شعيا «تخرج عصا من بيت نبي ، وينبت منها نور ، ويحل فيه روح القدس ، روح الله ، روح الكلمة والفهم ، روح الحيل والقوة ، روح العلم وخوف الله ، وبه يؤمنون وعليه يتوكلون ، ويكون لهم التاج والكرامة إلى دهر الداهرين». قيل لكم هذا الكلام بعد المطالبة بصحة نقله عن شعيا وصحة الترجمة له باللسان العربي وأنه لم يحرفه المترجم هو حجة على المثلثة عباد الصليب لا لهم ، فإنه لا يدل على أن المسيح خالق السموات والأرض ، بل يدل على مثل ما دل عليه القرآن ، وأن المسيح أيد بروح القدس ؛ ، فانه قال : «ويحل فيه روح القدس روح الله ، روح الكلمة والفهم ، روح الحيل والقوة ، روح العلم وخوف الله ، ولم يقل تحل فيه حياة الله فضلا عن أن يحل الله فيه ويتحد به ويتخذ حجابا من ناسوته ، وهذه روح تكون مع الأنبياء والصديقين ، وعندهم في التوراة «أن الذين كانوا يعملون في قبة الزمان حلت فيهم روح الحكمة» وروح الفهم والعلم هي ما يحصل به الهدى والنصر والتأييد ، وقوله : «هي روح الله» لا تدل على أنها صفة فضلا عن أن يكون هو الله!! وجبريل يسمى روح الله ، والمسيح اسمه روح الله.
«والمضاف» إذا كان ذاتا قائمة بنفسها فهو إضافة مملوك إلى مالك كبيت الله وناقة الله وروح الله ، ليس المراد به بيت يسكنه ، ولا ناقة يركبها ، ولا روح قائمة به ، وقد قال تعالى : (أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) [المجادلة : ٢٢] ، وقال تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا) [الشورى : ٥٢] ، فهذه الروح أيد بها عباده المؤمنين. وأما قوله : «وبه يؤمنون