بالإسكندرية أراد بتركها أن يكسر الصنم ويبطل الذبائح له ، فامتنع عليه أهلها ، فاحتال عليهم بحيلة ، وقال : لو جعلتم هذا العيد لميكائيل ملك الله لكان أولى فإن هذا الصنم لا ينفع ولا يضر فأجابوه إلى ذلك ، فكسر الصنم وجعل منه صليبا وسمى الهيكل كنيسة ميكائيل ، فلما منع بترك الإسكندرية أريوس من دخول الكنيسة ولعنه خرج أريوس مستعديا عليه ومعه اسقفان فاستغاثوا إلى قسطنطين ، وقال أريوس انه تعدى عليّ وأخرجني من الكنيسة ظلما ، وسئل الملك أن يشخص بترك الإسكندرية يناظره قدام الملك ، فوجه قسطنطين برسول إلى الإسكندرية فأشخص البترك وجمع بينه وبين أريوس ليناظره ، فقال قسطنطين لأريوس اشرح «مقالتك» قال أريوس : أقول إن الأب كان إذ لم يكن الابن ، ثم إنه أحدث الابن فكان كلمة له إلا أنه محدث مخلوق ، ثم فوض الأمر إلى ذلك الابن المسمى كلمة ، فكان هو خالق السموات والأرض وما بينهما ، كما قال في إنجيله إن يقول «وهب لي سلطانا على السماء والأرض» فكان هو الخالق لهما بما اعطى من ذلك ، ثم إن الكلمة تجسدت من مريم العذراء ومن روح القدس فصار ذلك مسيحا واحدا ، فالمسيح الآن معنيان كلمة وجسد إلا أنهما جميعا مخلوقان. فأجابه عند ذلك بترك الإسكندرية ، وقال : تخبرنا الآن أيما أوجب علينا عندك عبادة من خلقنا أو عبادة من لم يخلقنا؟ قال أريوس بل عبادة من خلقنا ، فقال له البترك فان كان خالقنا الابن كما وصفت وكان الابن مخلوقا فعبادة الابن المخلوق أوجب من عبادة الأب الذي ليس بخالق ، بل تصير عبادة الأب الذي خلق الابن كفرا وعبادة الابن المخلوق إيمانا ، وذلك من أقبح الأقاويل. فاستحسن الملك وكل من حضر مقالة البترك ، وشنع عندهم مقالة أريوس ، ودارت بينهما أيضا مسائل كثيرة ، فأمر قسطنطين البترك أن يكفر أريوس وكل من قال بمقالته ، فقال له بل يوجه الملك بشخص للبتاركة والأساقفة حتى يكون لنا مجمع ونصنع فيه قضية ويكفر أريوس ويشرح الدين ويوضحه للناس.
[المجمع الثاني]
[وفيه وضعوا الأمانة]
فبعث قسطنطين الملك إلى جميع البلدان فجمع البتاركة والأساقفة فاجتمع