مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي عند ظهره الى الملاعنة وله يومئذ عدة نسوة ، فقال شرحبيل لصاحبيه يا عبد الله بن شرحبيل ويا جبار بن فيض لقد علمتما ان الوادي اذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا الا عن رأيي ، واني والله أرى أمرا مقبلا ، والله لئن كان هذا الرجل ملكا مبعوثا فكنا أول العرب طعن في عينه ورد عليه أمره لا يذهب لنا من صدره ولا من صدور قومه حتى يصيبنا بجائحة ، وإنا لأدنى العرب منهم جوارا ، ولئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلا عناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر الا هلك ، فقال له صاحباه فما الرأي يا أبا مريم؟ فقد وضعتك الامور على ذراع فهات رأيك فقال رأيي أن أحكّمه ، فاني ارى الرجل لا يحكم شططا ابدا ، فقالا له أنت وذاك ، فلقى شرحبيل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال اني قد رأيت خيرا من ملاعنتك ، فقال «وما هو» قال شرحبيل حكمتك اليوم الى الليل وليلتك الى الصباح فمهما حكمت فينا فهو جائز ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «لعل وراءك احدا يثرب عليك» فقال له شرحبيل سل صاحبي فسألهما فقالا ما نرد الموارد ولا نصدر المصادر الا عن رأي شرحبيل ، فرجع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولم يلاعنهم ، حتى اذا كان الغد اتوه فكتب لهم كتاب صلح وموادعة ، فقبضوا كتابهم وانصرفوا الى نجران ، فتلقاهم الأسقف ووجوه نجران على مسيرة ليلة من نجران ، ومع الأسقف اخ له من أمه وهو ابن عمه من النسب يقال له ابو علقمة ، فدفع الوفد كتاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم الى الاسقف ، فبينا هو يقرؤه وابو علقمة معه وهما يسيران اذ كبت بابي علقمة ناقته فتعس غير انه لا يكنى عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال له الأسقف عند ذلك قد والله تعست نبيا مرسلا فقال له ابو علقمة لا جرم والله لا أحل عنها عقدا حتى آتيه ، فضرب وجه ناقته نحو المدينة وثنى الاسقف ناقته عليه ، فقال له افهم عني ، انما قلت هذا مخافة ان يبلغ عني العرب انا أخذنا حمقة او نجعنا لهذا الرجل بما لم تنجع به العرب ونحن اعزهم واجمعهم دارا ، فقال له ابو علقمة والله لا اقيلك ما خرج من رأسك ابدا ، ثم ضرب ناقته يقول :
أليك تعدوا قلقا وضينها |
|
معترضا في بطنها جنينها |
مخالفا دين النصارى دينها